فيوليت غزال البلعة- الإصلاح لا يمر بـ"كورونا"!

  • شارك هذا الخبر
Monday, February 24, 2020

ألام خلصت زيارة الثلاثة أيام لصندوق النقد الدولي في لبنان؟
سؤال يتردد في بيروت من دون جواب يقين. فالنتائج إيجابية، والصندوق مستعد للعودة "في أي وقت إذا دعت الحاجة"، فيما تردّد أمس نقلا عن أحد المشاركين في الإجتماعات، من أن الصندوق "لم يلمس من المسؤولين اللبنانيين أي خطوة جدية وملموسة لجهة التعاطي في ملف الأزمة".

قد تكون حكومة حسان دياب حائرة حيال الخيارات المطروحة قبل إتخاذ قرار حاسم، تدرك أنها ستتحمّل كل تبعاته لاحقا، وهي التي تلاحق اليوم تبعات "كورونا" الآتية من إيران. وفي الحالين ما بين سداد الإستحقاقات المالية أو التخلّف عنها، ثمة خريطة طريق إصلاحية لا مفر من سلوكها، وبإقرار المجتمع الدولي، لتبدو شرطا أساس في أي دعم أو مساعدة.

حتى اليوم، تقف الحكومة ما بين إعادة "الهيكلة" أو "الجدولة". وما بقي للإستحقاق الأول في آذار/مارس سوى أسبوعين، مع مهلة أسبوع إضافية تمنحها الأسواق المالية، بما يعني أن قنوات التفاوض مع الدائنين الخارجيين (حملة "اليوروبوندز") الذين باتوا يملكون نحو 70% من إستحقاق الـ1.2 مليار دولار، يجب أن تُفتح على برنامج زمني منظم يتسع أطره إلى كامل حجم الديون إستهدافا لتخفيف كلفتها على الخزينة المنهكة.

لكن الحكومة المتأهبة والمنشغلة بتأليف لجان "خطة النهوض" المكلفة إعداد خطة الإنقاذ (يبدو أنها ستنجز إستنادا لمشورة صندوق النقد)، كادت تتعثر عند أول إمتحان. إذ تأخر فضّ عروض "الإستشاري المالي والقانوني" الذي كان يفترض أن ينجز في الثانية من بعد ظهر السبت الماضي، بغية إختيار إستشاري من بين ثمانية شركات تقدمت بعروضها لمرافقة عملية التفاوض حول ديون 2020، بعدما نشبت حملة قانونية وسياسية بشأن "تضارب المصالح" في ملف مشاركة الوزير السابق كميل أبو سليمان. وعُلم ان المناقصة رست على مكتبي "لازارد" و"كليري غوتليب ستين آند هاميلتون".

شوائب "المناقصة" ليست وحدها ما يضع الحكومة في غفلة عن وضعها "قيد مراقبة" المجتمع الدولي. فمؤسسات الإئتمان العالمية بادرت نهاية الأسبوع إلى خفض تصنيف لبنان منCCC/C إلى CC/C من جانب "ستاندرد آند بورز"، ومن Caa2 إلى Ca من "موديز"، لإعتقادهما أن إعادة الهيكلة أو عدم السداد "شبه مؤكد" بمعزل عن التوقيت، مع ترجيح إستمرار "الإنكماش العميق للإقتصاد اللبناني".

وقبل أن يقع لبنان في المحظور، سارعت فرنسا (الموقف الأوروبي) ومعها السعودية (الموقف الخليجي) إلى تقديم جرعات دعم مشروطة بإصلاحات إقتصادية للبنان "الواقع اليوم في حال طوارئ واضحة". الموقف له دلالة من حيث الشكل، فهو صدر عقب إنتهاء إجتماع لوزراء مال مجموعة العشرين في الرياض أمس. ومن حيث المضمون، أكدت فرنسا إستعدادها الدائم كما في الماضي والمستقبل، بحسب وزير المال برونو لو مير، لدعم لبنان ماليا "في إطار ثنائي أو متعدّد الأطراف". أما السعودية فهي على اتصال ببلدان أخرى، بحسب وزير المال محمد الجدعان، "لتنسيق أيّ دعم للبنان على أساس الإصلاحات الإقتصادية". فالمملكة "كانت وما زالت تدعم لبنان والشعب اللبناني".

مؤشرات جيدة ولكن غير كافية، لأن الآتي من واشنطن كان أوضح وأشمل في دلالاته. ففي مقابلة على شبكة CNBC، سألت الإعلامية هادلي غامبل وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين عما اذا كان لبنان يحتاج فعلا الى مساعدة صندوق النقد، فأجاب "ان لدى الصندوق برامج عديدة، وقد تباحثنا امس خلال اجتماع لـG7 في الامر، ووجدنا ان هناك برنامجا يمكن للصندوق أن يعمل عليه لنرى إستقرارا سياسيا وإقتصاديا في لبنان".

وعما اذا كان لبنان يحظى بدعم أميركي لتنفيذ برنامج الصندوق الإنقاذي؟ قال "هذا برنامج ليس لإنقاذ الاقتصاد فقط بل لدعمه أيضا. ويفترض أن يبدأ بسياسات إصلاحية مستدامة. لذا، لا يتعلق الأمر بإنقاذ الدائنين الحاليين. صندوق النقد موجود فعلاً لدعم الإقتصاد والسياسيين، إذا كانوا هم على إستعداد لاتخاذ خيارات إقتصادية صعبة للمضي قدمًا في تعافي الإقتصاد، وهو ما أعتقد أنه سيكون مفيدًا لشعب لبنان. لكن من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانوا على استعداد للقيام بذلك".

هكذا يخاطب العالم لبنان. فكيف سيكون الردّ أو بالأحرى كيف يفترض أن يكون؟
أولا وأخيرا، بإسترجاع ثقة المجتمع الدولي بالحكومة والسلطة، وذلك بتسريع الخطى وإتخاذ سلسلة إجراءات الإصلاح، بدءا بحسم الموقف من ملف الديون وإنجاز خطة النهوض هذا الأسبوع، وإبلاغها الى المجتمع الدولي لترك خطوط التواصل مفتوحة على برنامج إنقاذي محتمل.

وأيضا، باعتماد الشفافية في كل مفاصل الأداء الحكومي في مرحلة تحتاج إلى توجيه إشارات إيجابية تطمئن الداخل والخارج إلى وجود إصرار وجدية لحل الأزمة بغية نيل فرص الدعم الضروري لتجاوزها.

وفي الداخل، إعلان "التعديلات" اللازمة على خطة الكهرباء وفقا لمندرجات إصلاحية تتطلب إستهداف العمل على حلول دائمة لا موقتة، وهذا يكون بإسقاط خيار "البواخر" وإستدراج عروض شركات أجنبية لبناء المعامل مع ما تتطلبه عملية إنتاج الطاقة من متطلبات لازمة.

وليس أخيرا، إقفال ملف الشغور في حاكمية مصرف لبنان بعد نحو عام على إنتهاء ولاية النواب الأربعة للحاكم، وتجنبه في لجنة الرقابة على المصارف مع إستحاق إنتهاء ولاية الرئيس والأعضاء في 19 آذار/مارس المقبل. على أن تعتمد الحكومة معايير شفافة وعلمية في مسألة الإختيار (تردّد إسم الخبير المصرفي طوني الشويري، أرثوذكسي)، قطعا لسياسات المحاصصة التي باتت مرذولة.

هي تحديات كثيرة، لكن ليست شائكة إن أراد لبنان أن يؤكد إصراره على إسترجاع هويته كدولة خالية من أي "كورونا" سياسية...