لا شك في إننا تعودنا في بلدنا هذا على الإختراقات من كل جهة، حتى أن سيادة البلد دفنت رأسها في التراب من الخجل. أما وبعد أن طافت مواقع التواصل الإجتماعي بالأخبار عن فيروس الكورونا وصور المرضى والشائعات والتحليلات، وعلى ما يبدو، اخترق الكورونا الأجواء اللبنانية آتياً من إيران. اذاً بعد زيارة لاريجاني، أول الغيث من المساعدات التي عرضها لاريجاني علىينا كان إرسال فيروس الكورونا على متن الخطوط الإيرانية! إن كنا نشعر بالخوف فيجدر بنا لأن هذا الفيروس ليس بلعبة والتعامل معه ليس بنزهة. الصين يعيش فيها نصف سكان العالم واقتصادها قادر على أن يبلع أميركا وإيران سوية، لم تستطع الى الآن السيطرة عليه، فكيف بالأحرى لبنان الذي وبحسب ما رأيناه وسمعناه من تصريحات غير مؤهل لا بقاعدته الإجتماعية ولا بمستشفياته للإحتياط لهكذا آفة. غير أن الملفت للنظر والذي يُعتبر مؤشر خطر هو طريقة التعاطي بين إيران ولبنان في هذه القضية... طائرة تحمل ١٤٦ راكباً بينهم الإعلامي المشهور غسان بن جدو انطلقت من إيران وتحديداً من مدينة قمْ التي يؤمها الحجاج إلى لبنان وهي تحمل سيدة تحمل كل سمات المرض الحديث الفتاك عليها، سيدة مشكوك بأمر إصابتها بالكورونا تم إرجاعها للبنان بطريقة مستفزة، أقل ما يقال فيها أنها إزدراء فاضح بالسيادة اللبنانية وبصحة اللبنانيين وبصحة كل من كان على الطائرة. فالمعلومات عن ركاب الطائرة كانت متوفرة، والقاصي والداني يعلم أن المرأة المريضة كان يجب أن تعالج في إيران لأنها أُصيبت هناك وكان الأجدر أخلاقياً أن تحجر عليها الدولة الإيرانية وأن لا تخاطر، لا بحياة الركاب ولا بصحة البلد الذي ستحط الطائرة رحالها فيه من حيث مبدأ التعامل، أي أن هنالك استخفاف بأخلاقيات التعامل وازدراء بصحة الرعايا المسافرين والمستقبلين. والملفت للنظر أكثر، عند وصول الطائرة سارعت السلطات اللبنانية الى الطائرة لتوزيع كمامات من العيار الخفيف الذي لا يصلح للتصدي حتى لروائح النفايات... استهتار بصحة البشر من كلا الجهتين. هذا أمر غير مقبول وخرق لكل علاقات الصداقة بين بلدين، وإيران قد عرضت مساعدة لبنان باستعداد كامل، فهل تكون المساعدة بهذا الشكل... المميت. هلع في التصريحات ومحاولات لتمويه الأمر، وارتفع ثمن الكمامة الورقية ليقارب الإثني عشر ألف ليرة! اذاً كثرت الأسباب والكورونا واحدة، ومشفى الحريري الجامعي غير مؤهل، ومعلوم للجميع أن فيه أربعة أسرة... أربعة أسرة لأربعة ملايين لبناني باتوا غير قادرين على دفع الفاتورة الإستشفائية في حال داهمهم المرض، أما عن المستشفيات الخاصة فكل لبناني يعلم ما هي الأسعار فقط في حالة انفلونزا عادية والسؤال المخيف الأكثر، هل وزارة الصحة قادرة على إحاطة كل الناس وحمايتهم، ومع قدوم المزيد من الحجاج من قمْ إلى لبنان وعدم وجود أية إحتياطات صحية على أرض الواقع سيتحول البلد لا سمح الله إلى "كرنتينا" أيام زمان في ظل عدم وجود أية مقدرة على الإحتياط وعدم وجود أية نية لحظر السفر إلى الدول الموبؤة ومنها إيران التي منذ البارحة وبين كل لحظة وأخرى يتم إكتشاف حالة متطورة من الكورونا... كان الأجدر بالسلطات اللبنانية التحقق بشكل أكبر قبل أن تُقلع الطائرة والتحقيق مع قائد الطائرة وتحميل المسؤولية لكل معني بالأمر، فهل تقبل إيران مثلاً أن نُرجع لها أحد رعاياها وهو مصاب بالكورونا مع ١٤٦ راكباً على متن طائرة؟ هذا استهتار بأرواح الناس والبشر، وهذا استخفاف بقواعد التعامل بين البلدين وازدراء بالقانون الصحي العالمي وخنوع من الدولة اللبنانية التي يجب أن تكون صاحبة القرار في استقبال الطائرة أو إعادتها من حيث أتت. على ما يبدو والأيام القادمة ستكشف لنا المزيد، على أننا نعيش على هامش السيادة وكل مجالنا الصحي يعتمد على رضى الملائكة علينا وإلى متى ستحملنا أجنحة الملائكة قبل أن تعلمنا الدرس وتلقينا في جهنم الكورونا.