أم الفضائح في الضمان الاجتماعي: لأول مرة أرقام تكشف العجز الحقيقي والمجازفة بتعويضات نهاية الخدمة!

  • شارك هذا الخبر
Friday, January 17, 2020


للمرة الأولى وفق تحليل مالي معمّق بناء على تقارير إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يستند إلى قطع الحساب للعام 2018 وفي جلسة المجلس اليوم في 17 كانون الثاني 2020، كشف رئيس لجنة الشؤون المالية في مجلس إدارة الصندوق د. عادل عليق عن خلاصة الوضع المالي الفعلي للضمان من خلال تقرير لجنة الشؤون المالية، والذي بيّن العجز الحقيقي، بخلاف ما تعلنه إدارة الضمان، في صندوق المرض والأمومة، كما في صندوق تعويضات نهاية الخدمة الذي تم التصرف بنسبة تناهز الـ 25% (أي ما قيمته 3,456 مليار ليرة) من موجوداته حتى نهاية 2018 فقط لتغطية العجز في تعدّ فاضح يخالف القوانين والأنظمة المرعية الإجراء.

الجدير ذكره أن نسبة زيادة الإنفاق الصحي في الضمان (7% سنوياً) تعد نسبة مرتفعة، فضلاً عن الانفاق غير الرشيد والهدر وضعف الرقابة الطبية وغياب المعايير العلمية في تسعير الخدمات الصحية وضعف الشفافية والمكننة والمحاسبة، مما سيؤدي حتماً إلى تسارع تفاقم العجز وقضم المزيد من تعويضات نهاية الخدمة في حال لم تتخذ التدابير الطارئة والجذرية، ناهيك عن أن إدارة الضمان لم تقم بتنويع محفظة الاستثمار عبر تحويل جزء من أموال التعويضات إلى العملة الأجنبية كالدولار أو اليورو رغم سماح مجلس الإدارة لها (لغاية 20%) بناء على توصيات اللجنة المالية منذ سنوات، ما يزيد من مخاطر فقدان قيمة التعويضات مع تدني سعر الليرة، أضف إلى عدم قيام تلك الإدارة لغاية الآن باقتراح تشريع بشكل فوري يستثني أموال المضمونين المودعة في المصارف وسندات الخزينة من أي اقتطاع محتمل.

والمستغرب أن إدارة الضمان كانت قد سجلت 2,068 مليار ليرة فقط كسحوبات تراكمية من صندوق نهاية الخدمة لصالح صندوق المرض والأمومة لغاية نهاية 2018، كما ورد في كتاب الادارة رقم 4260 تاريخ 18 تشرين الثاني 2019 حول الوضع المالي للصندوق بتاريخ 31 كانون الاول 2018، وبالتالي فإن ما تسميه الإدارة "أموالا جاهزة" لتعويضات نهاية الخدمة هو حوالي 11,028 وليس 12,211 مليار ليرة. وقد أقر المدير المالي ورئيس المحاسبة بقيمة المأخوذات الحقيقية من أموال نهاية الخدمة غير المقيدة تحت باب إنفاق المرض والأمومة والبالغة 1,388 مليار ليرة، وهي سلف مدفوعة للمستشفيات وغير مصفاة بمعاملات منذ العام 2011 مع الفوائد التابعة لها، الأمر الذي يؤشر إلى عدم دقة تقارير الإدارة في عرضها للوضع المالي للضمان وذلك لإخفاء العجز الحقيقي، كما أشارت تقارير التدقيق الخارجي منذ العام 2010 وتقرير خمس أعضاء من مجلس الإدارة هم رفيق سلامة وفضل الله شريف وأنطوان وكيم وبهجت قاننجي وعادل عليق والذي اعتُبر بمثابة إخبار لم يسلك طريقه المفترض بسبب الانكفاء الفعلي المشبوه للنيابات العامة التي تخلّت عن دورها الرئيسي حماية المال العام وللمسار القضائي المتعثّر.

إن هول هذا الواقع الفضيحة وتأثيره المباشر على حوالي المليون ونصف المليون لبناني مضمون يوازيه التساؤلات عن خطة الإدارة (الغائبة) لحماية أموال المضمونين سيّما في ظل الأزمة الاقتصادية والنقدية الحالية في لبنان، كما وعن حماية القضاء وخصوصاً النيابات العامة المالية وسواها، للأسف، لكبار المتورطين في سوء إدارة ونهب أموال المضمونين رغم الدعاوى القضائية الكثيرة والمتابعات الحثيثة والمستفيضة لها من محامي تحالف متحدون الذين سيكون لهم مواقف صريحة وحاسمة قريباً جداً بهذا الخصوص إن لم تُتخذ تدابير وإجراءات فورية أولها من قبل القضاء للجم ما ينذر بكارثة وطنية على هذا الصعيد.