علي حماده - باشكاتب” لعهد بائس

  • شارك هذا الخبر
Friday, December 6, 2019


لا تعفي دعوة الرئيس ميشال عون للاستشارات النيابية الملزمة صاحبها من حكم الناس القاسي عليه بافتقاره الى حس المسؤولية، كونه ترك البلاد في حالة من الفراغ المؤسساتي، والغليان الشعبي لاكثر من ستة أسابيع، من دون ان يغير في سلوكه وبطانته قيد انملة، لا بل ان الرئيس ميشال عون الذي رفع بوجهه رؤساء الحكومات السابقين وبحق بطاقة حمراء انما اضاؤوا على أدائه السيئ في تحمل المسؤولية، كما انهم حددوا موضوعيا ان احد مكامن الخلل في الدولة يعود الى وجود رجل في سدة الرئاسة يفكر ويتصرف بذهنية جنرال سابق على جبهة سوق الغرب او القليعات في زمن الحروب البائسة التي خاضها بالطريقة التي خاضها وللأسباب المعروفة آنذاك. وليس الان وهنا وقت العودة الى ملف حروب ميشال عون البائسة، لأننا الان واقعون كلبنانيين في عين عهد رئاسي بائس وفاشل يسير بالبلاد نحو القعر الذي لا خروج منه. بالطبع لا يقتصر حكم الناس القاسي على الرئيس ميشال عون وعهده البائس الذي يضرب الأرقام القياسية في عمليات الانتحار العابرة للطوائف والمناطق. والمسؤولية الكبرى تقع على رئيس الجمهورية الذي وان لم يكن يمتلك الصلاحيات الرئاسية التي كان يملكها في الجمهورية الأولى، فإنه باعتباره رمزا للسلطة في البلاد، وحاميا للدستور والقوانين، وراعيا للمواطنين دونما تمييز، والأهم مما تقدم، باعتباره القاطرة المعنوية والأخلاقية للشعب، فإنه كان يمكن ان يجنب البلاد الكثير من الويلات التي حلت بها في السنوات الثلاث التي مرت.
نعود الى الاستشارات النيابية الملزمة، فالدعوة الى الاستشارات يوم الاثنين تستبطن مزيدا من خرق روح الدستور، وضرب موقع الرئاسة الثالثة، والأهم انها تستبطن كسب وقت للالتفاف على مطالب الناس، بهدف تشكيل حكومة على نقيض مما طالب به الشعب على مدى أسابيع. يريد عون ومن يسيرون في ركبه ان يشكلوا حكومة يعيدون فيها تدوير القديم في شكل جديد، وبعض الـ”رتوش التجميلي”، ويريدون تنصيب “عصا” على رأس الحكومة مستعدة ان تقبل بكل شيء، وفي كل وقت، لقاء منصب يكاد يصير من يتبوأه مجرد “باشكاتب” عند “حزب الله”. هذا المسار سيئ ومدمر، وهو انقلاب على الثورة ومطالبها ولن يمر كما يتوهمون.
استطراداً نقول للأطراف الآخرين أي الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، والدكتور سمير جعجع، الاّ ينجروا وأن يحاذروا الدخول في حكومة الانقلاب على الثورة، وان يتركوا السلطة لمن يريدون الاستمرار في إدارة البلاد وكأنها سجن كبير، فيتحملوا المسؤولية وحدهم.
وليأتوا بمن شاؤوا من المرشحين لمنصب “باشكاتب” الذي يعدونه للمرحلة المقبلة. فليشكلوا حكومتهم وحدهم، وليتقاسموا في ما بينهم جميع المقاعد الوزارية، وليسموا من يريدون في الحكومة العتيدة. ليواصل هؤلاء التفكير في ذهنية من لا يزال عالقا خلف متراس في جبهة سوق الغرب العام 1988، ومن لم يخرج من زواريب بيروت يوم 7 ايار 2008.


النهار