شارل جحا - لبنان بين جدران السلطة وجدار نهر الكلب...

  • شارك هذا الخبر
Monday, December 2, 2019

عند قيام الثورة في 17 تشرين وفي الأيام الاولى، لم نسمع أي تعليق أو موقف يذكر من أهل السلطة والمسؤولين عنها من وزراء ونواب وازلام ما عدا مواقف اللاموقف من البعض والذي كان يتلمس بعض النتائج لاختيار الموقف الملائم لمصالحه ومستقبله...جميعهم وأتباعهم ومن يدور في فلكهم مع الثورة ومع اهدافها ومع المطالب والحقوق ولكنهم ضد إغلاق الطرقات وهذا يعتبر قمة في التناقض والتخلي عن الحقوق..وهنا أشبه هذا التصرف بما حصل عندما تم القبض علي تشي جيفارا في مخبئه بوشاية من راعي أغنام ...!!!
اذ سأل أحدهم الراعي لماذا وشيت عن رجل قضى حياته في الدفاع عنكم وعن حقوقكم ؟
فأجاب الراعي : كانت حروبه مع الجنود تروع أغنامي ...!
بعد مقابلة فخامة رئيس الجمهورية الاخيرة والتشنج الذي تركته هذه المقابلة في الشارع ولدى الثوار تم بناء جدار في نفق نهر الكلب وإغلاقه فقامت قيامة السلطة ولم تقعد فتكلم الاخرس وإستفاق النائم تحت شعار أنه عمل ميليشياوي يعيدنا إلى الحرب وايامها المأساوية وكأن بعضهم لم يكونو ميليشياويين زمن الحرب ولم يقطعوا طرقات ولم يساهموا باقامة الحواجز المسلحة التي كانت تهدف إلى تقطيع أوصال الوطن كما وكأن حمل السلاح وإطلاق النار على العزل في جل الديب وتوزيع السلاح على الازلام لا يعيدنا إلى زمن الحرب المشؤومة... مما لا شك فيه ان بناء هذا الجدار هو عمل غير مسؤول ومرفوض وطالما اننا أمام ثورة سلمية يجب عليها أن تحافظ على سلميتها بعيدا عن اي عمل منحرف يبعدها عن أهدافها... إنما سؤالي للسلطة واهلها هو كم من جدار تم بنائه منذ ثلاثين سنة وحتى اليوم والشعب لم يحاسبكم لا بل كان دائمآ يعطيكم ثقته دون سؤال؟ لقد بنيتم جدران من الباطون المسلح بوجه شعب طيب عظيم أين منها جدار نهر الكلب...لقد بنيتم جدارا من الفقر وجدارا من الظلم وجدارا من الفساد وجدارا من التهرب الضريبي وجدارا من الهدر وجدارا من التمييز وجدارا من انتهاكات الدستور وجدارا من التبعية وجدارا من التسلط وجدارا من الفوضى وجدارا من المحسوبية وجدارا من القمع وجدران وجدران بوجه شعب مظلوم فقير جائع ،انما وطني، لم يرفع الصوت على مدى عشرات السنين وبالرغم من جوعه ظل ساكتا مختبئا" لا بل متلحفا" بكرامته وكرامته فقط. ..كان لزاما على السلطة أن تقوم بواجبها فتهدم تلك الجدران وتحافظ على صدقيتها وعلى كرامة الشعب والانتقال إلى مرحلة بناء الوطن وتحصين اقتصاده فتخاذلت وفشلت في كل خطواتها لانها كانت نابعة من مصالح شخصية وإنية ومحاصصتية بعيدا عن المصلحة العامة فخرج المارد من قمقمه وأعلنت الثورة وتكفل الشعب بهدم تلك الجدران بعد تقاعس السلطة... لقد دخلنا في مرحلة جديدة مختلفة كليا عن المراحل السابقة أنها مرحلة الثورة الشعبية بوجه سلطة استمدت شرعيتها دستوريا بوكالة من الشعب فخسرتها بعدما قرر الشعب استرداد هذه الوكالة...عنوان الثورة الرئيسي هو سلميتها ولا بد من أن تصل إلى اهدافها ولو بعد حين كما وأن السلطة الحالية ومهما جالدت وناورت ورواغت لا بد من أن تلاقي هذه الثورة بعيدا عن المماطلة والمراوغة والقبول بالتغيير المطلوب حفاظا على لبنان واستمراريته وإعادة الاعتبار إلى اقتصاده وصونا لمجتمعه الذي أظهر وحدة منقطعة النظير...
لا بد للرئيس عون الذي نحترمه ونقدره من أن يأخذ قراره المستقل بعيدا عن المستشارين وأصحاب الغايات والاجندات المختلفة فيلاقي الثورة ويعمل على تلقف أفكارها وأهدافها التي وفي النهاية هي أهداف انقاذية لبلد ينحدر بسرعة رهيبة نحو الهاوية فيخلق صدمة إيجابية تغييرية خاصة وانه من المؤمنين بالتغيير الآتي من الشعب وهو من ردد سابقا القول المأثور للشاعر اليوناني هسيود Hesiod بأن"صوت الشعب هو صوت الله"
لا بد من تلقف كل فرصة تؤدي للإنقاذ كما وان التنازل من أجل مصلحة الوطن هو بطبيعة الحال انتصار...
لبنان ينادي...