فيوليت غزال البلعة- حذار "الفكر التأميمي" خلال الانتفاضات
شارك هذا الخبر
Monday, December 2, 2019
بُعيد كل أزمة اقتصادية واجتماعي أو حروب، ثمة عاطفة تظهر تجاه الفكر التأميمي ومبدأ شيوع الخدمات العامة أي ملكية وإدارة الدولة لكافة الخدمات. وهذا يأتي نتيجة للخلل في ادارة الإقتصاد والمالية العامة والسياسات النقدية، مما يؤدي إلى انهيار في القطاع الخاص بعد انهيار القطاع العام، اضافة الى الممارسات الفاحشة التي يقوم بها بعض الرأسماليين عندما تكون الدولة فاسدة، فيصبحون جزء من المنظومة.
هذا لا يعني أن القطاع الخاص برمته جشع وسيء، وبطبيعة الحال لا يبرئه الدولة والقطاع العام من الفشل في تنظيم المنافسة العادلة في القطاعات.
الرسم ان المواطن يرى الخلل المباشر في النقاط التي هو على تماس مباشر معها أي محطة البنزين، والصيدلي، والفرن، والمستشفى، والسوبرماركت. لكنه لا يرى مسببات التأزم، فينتهي به الأمر بالإعتقاد ان ادارة الدولة المباشرة لهذه الأمور هي الحل، وهذا مبدأ داوني بالتي كانت هي الداء. فالشعب ينتفض على الدولة الفاشلة، فيستغل أهل السلطة هذا الوجع ليبدأوا بمشاريع تأميمية تعيد الى قبضتهم ما فقدوه خلال سنوات من تطور في النظام الاقتصادي الحر، فتعزز قبضتهم ويزيد فسادهم.
رغم رومانسية مبدأ الشيوع والتأميم والاشتراكية، علينا الا ننسى ان هذه الأنظمة لم تنجح بتحقيق تطلعات الشعوب وأدت إلى الفشل وهي ليست البديل الأمثل للرأسمالية المتفلتة المتعاونة مع السلطات الفاسدة. فالحل هو بايقاف الفساد في الدولة، واعادة الاقتصاد الى سوق حر، منظم بالقانون تشرف عليه هيئات ناظمة مستقلة.
فقبل المطالبة بتأميم استيراد المحروقات من قبل الدولة واعتبار ذلك عملا جبارا، لنتذكر ان الخلل ليس بفكرة وجود مستوردين بل بعدم ادارة وتنظيم القطاع بشكل يزيد المنافسة ويخفف من الكلفة على المواطن ويوقف التهريب عبر الحدود السورية.
وبدل الكلام عن تأميم استيراد الدواء مباشرة، لننظر الى كيفية تنظيم إدارة قطاع الدواء كما كان العمل قد بدأ في عامي 2017 و2018 بتفعيل لجنة تنسيق الهيئات الضامنة الرسمية وتعديل آلية تسعير الدواء التي أدت إلى خفض كلفته في عام 2018 بمعدل 30%. فالأنسب هو استكمال هذه الخطوات التنظيمية بدل المناداة بتأميم هذا العمل.
وخير دليل على عدم قدرة الدولة على ادارة الخدمات التي تملكها هما قطاعي الطاقة والاتصالات حيث استمر الوضع بالتدهور من دون توقف لسنوات، مما رفع نسبة الدين بشكل مخيف، خاصة منذ عام 2010 عند استلام الوزير جبران باسيل وزارة الطاقة، مع تراكم عجز الكهرباء وتدهور تحويلات الاتصالات جراء تدمير ممنهج لاستقلالية القطاع منذ عام 2008 عندما استلم الوزير عينه وزارة الاتصالات. وأساس الخلل هو عدم تطبيق القوانين التي وضعت لتنظيم القطاعين في عام 2002.
فبدل الانجرار وراء شعبوية الفكر التأميمي الذي ساد بعيد الحرب العالمية الثانية وكاد يدمر بلدان عديدة كما أفشل الإتحاد السوفياتي، علينا تطبيق القوانين التي تنظم عمل القطاع الخاص والمطالبة من الدولة بتأدية دورها كمنظم ومشرع وليس مقدم خدمة، والتركيز على العدالة والحماية الاجتماعية كدور أساس للدولة مثل ضمان الشيخوخة والتغطية الصحية الشاملة والتعليم المجاني والأمن.