٢٢تشرين الثاني ١٩٤٣ هو عيد الاستقلال اللبناني، يوم إستلام الوطن من سلطة الانتداب الفرنسية، يوم تَوحد فيه اللبنانيين ورُفعت الاعلام اللبنانية ايذاناً ببدء مرحلة جديدة من تاريخ الوطن.
درجت العادة في كل عام على تنظيم عرض عسكري من قبل الجيش اللبناني تُشارك فيه جميع القوى الأمنية ومجموعة من الهيئات المدنية وبحضور كافة المسؤولين الرسميين. ٢٢ تشرين الثاني ٢٠١٩ انقسم هذا الاستقلال الى إستقلالين، نُظم في بقعتين، حضر في كل منهما فئتين من اللبنانيين، وكان القاسم المشترك بينهما العلم الوطني والجيش اللبناني. الاستقلال الاول نظمته قيادة الجيش كعادتها، جرت احداثه في وزارة الدفاع بدلاً من العاصمة بيروت، إقتصرت المشاركة على كوكبة من الوحدات الراجلة، إختُزل الحضور الرسمي على الرؤساء الثلاث وبعض الوزراء، لم تتعدى فترة العرض ساعة من الزمن، البروتوكول والكلام الرسمي الجاف سيد الموقف.
الاستقلال الثاني إرتجله المنتفضون منذ ١٧ تشرين الاول، ارادوه في ساحة الشهداء في قلب العاصمة، ساهمت فيه مجموعات لبنانية شعبية من كافة المناطق والطوائف، استمر الاحتفال لساعات طويلة، الكلام العفوي والاغاني الوطنية ملأت السماء.
مشهدين متناقضين كلياً، وكأن الغافل عن احداث لبنان الأخيرة يظن انهما يجريان في بلدين مختلفين لولا وجود العلم والجيش.
بعُدت المسافة بين الفئتين، الفراق هو القاتل الصامت، هو القاهر الميت، سارعوا يا اهل السلطة الشرفاء الى ردم الهوة قبل ان يصبح هذا البُعد قاتل ناطق وقاهر حي، اغتنموا الفرصة طالما هي مُتاحة، مدّوا اياديكم الى اهلكم في الشوارع، هم صناعة وطنية، إستمدوا منهم القوة والجرأة، إتخذوهم دروع بشرية ضد من يمنعكم من ملاقاتهم.
صارحوا شعبكم بأن المشكلة ليست بحكومة تكنوقراط او تكنوسياسية، قولوا لهم إن العقدة ليست في الاسبقية ما بين التأليف او التكليف، أصدِقوهم القول بأنكم متشابكين مع الاحداث الإقليمية والدولية، الاعتراف بالحقيقة هو الخطوة الاولى للتغيير، هو حجر الأساس في بناء الأوطان، "الحقيقة تُحرركم" هذا ما سمعته يوماً من اهل الشرف.
من الأخطاء التي نرتكبها في حق انفسنا هي التأجيلات التي لا تنتهي، نؤجل الشكر، الاعتذار، الاعتراف، المبادرة، وكأننا نضمن العيش طويلاً . جبران خليل جبران