ميشال جبور - يوم شاح الإستقلال بوجهه عنا

  • شارك هذا الخبر
Friday, November 22, 2019


كم من مرة خضّت الحروب مضجعك يا لبنان... كم من جيوش عقيمة تجرأت ووطئت أرضك المقدسة بأقدمها وإهتزت خوذاتها واندحرت... كم من مرة عبثنا بأمن بعضنا البعض ورخصت دماؤنا أمام غايات البعض السقيمة... كم من دمعة روت أرضك يا لبنان وكم من أم ركعت تصلي لعودة ابنها... من ساحة المعركة... من جلباب القتل الحالك في الأزمنة السوداء... كم من شمعة أُضيئت في ظلمة الحرب الأهلية وغير الأهلية... في سواد ليل التشرذم والحقد...
لبنان،نحن أخطأنا بحق استقلالك وتقاذفناه بين كفة الوطنية وكفة الإرتهان... لبنان... يا قطعة من السماء العزيزة قد بعناها مراراً وتكراراً في مزادات العزة والكرامة...
لبنان... إبتلعوك مئة مرة لأنك حلو المذاق بكل جبالك وساحلك وبحرك... في لحظة يكون الجبل قريب الساحل وفي لحظة، تصبح المسافات بين ابنائك جوفاء وسحيقة كالوديان... كم من مرة عرّينا أرزك من الخطوط الحمر واستبحنا كرامتك على مذبح الإنتماءات الطائفية والفئوية... أدمعنا تلك الأرزة القديرة على جبين وطن مُنتهك الحرمات ومشرّع أمام كل غاصب...
لبنان،كم من مرة دُكت سماؤك بالقذائف وكرامتك بانتهاك الدستور... حتى استقلالك بات يشك بنفسه... حتى باتت أرضك يتيمة تتلاعب بها أهواء الزعماء والفاسدين... كم وكم... وكم...
لكنك يا وطن رفضت التقسيم ورفضت حواجز الطائفية ورفضت خوات القمع...نبذت الإحتلال وبصقت المحتل... كم من مرة حماك يسوع وعلي والمصطفى وكم من مرة تضرعت مريم لأجلك... في كل مرة دقينا الإسفين في كيانك كان استقلالك ينتفض ويهز عروش الغزاة.
أما اليوم، فنحن يا لبنان أمام إمتحان عصيب، هذه المرة عيون الإستقلال تراقبنا وتنتظر، هذه المرة عاد الشعب ليؤمن بإستقلالك ويحارب لأجله في ثورة جامعة وغاضبة إنبثقت من رحم أوجاع الشعب، عاد الشعب ليحمل البيرق ويحرر ويتحرر من قيود الفساد والنهب والسرقة ويسحب كراسي الزعامة من تحت أمراء الفتنة...
اليوم،نجدد وعدنا لك يا لبنان بالإستبسال لمستقبل أفضل، لأجل الإستقلال وبصوت واحد ويد واحدة ضد الظلم والفساد والنهب... إما ننتصر لكل أب ولكل أم ولكل لبناني وإما سيأتي اليوم الذي نقول فيه أن الإستقلال... شاح بوجهه عنا.