كمال ذبيان- كلام فيلتمان يؤكد الدور الأميركي في الحراك الشعبي

  • شارك هذا الخبر
Friday, November 22, 2019

حضر السفير الأميركي الأسبق في لبنان جيفري فيلتمان، في حركة الاحتجاجات التي تجري في عدد من المناطق اللبنانية، والتي بدأت في 17 تشرين الأول الماضي، اذ جاءت افادته في اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال افريقيا في مجلس النواب الأميركي، لتكشف عن اهداف واشنطن في الازمة اللبنانية، وما قدمه فيلتمان من قراءة ورؤية واستهداف والدور الأميركي في «الحراك الشعبي»، ومصالح بلاده فيه.

فالخبير الأميركي في الشأن اللبناني، كما في الشرق الأوسط، حيث عمل في عدد من دول المنطقة ديبلوماسيا، فان فيلتمان كان المحرّك «لثورة الارز»، اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، ولعب صديقه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي دوراً اساسياً فيها، وهو لا ينكره، كما يعترف فيلتمان في شهادة له امام الكونغرس الأميركي، بأنه دفع 500 مليون دولار، لتشويه صورة حزب الله.

فالتدخل الأميركي في دعم حركة المتظاهرين والمعتصمين في عدد من الساحات والشوارع منذ اكثر من شهر ظهر في كلام فيلتمان، عندما اشار الى انها، «تتقاطع مع المصالح الأميركية»، ملمحاً الى انه من الضروري، ان لا يظهر التأييد الاميركي المباشر، كي لا نقدم ورقة الى حزب الله الذي «يروج لنظريات التدخل الاجنبي» كما يقول فيلتمان في شهادته، التي نظرت اليها مصادر حزبية حليفة لحزب الله، على انها اعتراف واضح بأن الادارة الأميركية تحاول استغلال «الحراك الشعبي» الذي يرفع مطالب محقة ومزمنة، فيما يتعلق بالفساد وهدر المال العام واستعادة المال المنهوب، وتحميل الحكومات المتعاقبة مسؤولية ما أوصلت اليه سياساتها المالية والاقتصادية، ونتائجها السلبية على النقد الوطني، وارتفاع الدين وخدمته، الى ضرورة محاربة الفاسدين امام القضاء واسترداد ما نهبوه من اموال، اذ لا خلاف مع مطالب الحراك، انما كان التنبيه من ان يُستغل لأهداف سياسية، وهو ما أكده فيلتمان في جلسة للجنة المذكورة في مجلس النواب بعنوان «ما هو التالي للبنان»، ودراسة الآثار المترتبة على الاحتجاجات القائمة؟

فافادة فيلتمان، اشارت الى ان الحراك الحالي، فاق ما حصل في «ثورة الارز» عام 2005، ليركز على ما جرى في «البيئة الشيعية»، من احتجاجات وضرورة البناء عليها، ونأي الجيش بنفسه عنها.

ولم يقم بحماية المتظاهرين من «البلطجية» في النبطية ومناطق جنوبية كما فعل في بيروت، يقول فيلتمان الذي خيّر اللبنانيين، بين وجود حزب الله في الحكومة وله القرار فيها، ويمتلك اكثرية نيابية، فيكون «الفقر والجوع» امامهم، او ينبذوه ويشكلوا حكومة «تكنوقراط»، فيحضر الازدهار، وتتدفق المساعدات، التي سبق وحصل عليها لبنان من اميركا نفسها ودول خليجية، ومن مؤتمر «سيدر» وتفتح فرص العمل للشباب اللبناني في الخارج بعد الحظر.

هذه الخطة «الفيلتمانية»، ترسم خارطة طريق لمستقبل لبنان، وضرورة ان لا تغادره اميركا، وفق الديبلوماسي الأميركي، لأن روسيا والصين اضافة الى ايران وسوريا، سيكون لهم النفوذ فيه، فتعتبر المصادر، انه بيت القصيد، وهو اخراج لبنان من «محور المقاومة»، كما من اقامة علاقات مع روسيا والصين، وقد تحدث الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مؤخراً عن التوجه نحو الصين لحل الأزمة الاقتصادية، وجذب استثمارات فيها، وهذا ما ازعج اميركا التي تريد للبنان ان يبقى يدور في فلكها، فتمنعه من ان يحصل على سلاح روسي للجيش فتعرقل مهمته، كما ترفض ان تدخل شركات اوروبية مثل الصينية والايرانية، لحل ازمة الكهرباء، او بناء سدود مياه وطرقات ومشاريع اخرى.

وتتطلع اميركا الى ان تكون شريكة في النفط اللبناني، الذي دخلت اليه ثلاث شركات وهو نوفاك الروسية وايني الايطالية وتوتال الفرنسية، وهذا ما أزعج واشنطن، التي عملت على تأخير ترسيم الحدود البحرية والبرية للبنان عند خط الناقورة، واعطت أميركا «اسرائيل» في المنطقة الخالصة المتنازع عليها عند بلوك رقم 9 في الجنوب والبالغة 860 كلم2، نصف المساحة التي هي حق للبنان، الذي قرر البدء بالتنقيب فتحركت «اسرائيل» مع اميركا، لمنع حصول ذلك، تقول المصادر التي ترى ضرورة قراءة افادة فيلتمان بتمعن عندما يتحدث عن ان روسيا باتت لديها قواعد على البحر الابيض المتوسط، وموانئ وآبار نفط، وهو ما يضايق اميركا ويهدد مصالحها في المنطقة، فتحاول استغلال «الحراك الشعبي المطلبي»، لتحقيق اهدافها ومصالحها في لبنان، الذي ادخلته ساحة صراع دولية - اقليمية، مع روسيا والصين وايران وسوريا، فرأى فيلتمان ان سلاح حزب الله يأتي بالحرب على لبنان، ولا بد من دعم الجيش اللبناني ليكون الوحيد من يملك السلاح، حيث تتطابق مواقف فيلتمان مع اطراف لبنانية حول سلاح المقاومة، اضافة الى ان دعوة فيلتمان كانت واضحة في مطالبته بحكومة تكنوقراط يطالب بها المحتجون، وليس حكومة سياسية، وهو الشرط الذي يرفضه الرئيس سعد الحريري للقبول بترؤس حكومة.

كما ان حديث فيلتمان عن انتخابات نيابية مبكرة، تلقي نتائج الانتخابات الاخيرة، التي ربح فيها حزب الله وحلفاؤه الاكثرية النيابية، فان الديبلوماسي الاميركي، يرى ضرورة ان تحصل الانتخابات ويضعف حلفاء حزب الله، والمقصود هنا «التيار الوطني الحر» في الساحة المسيحية، تقول المصادر، وما مشاركة قوى حزبية «كالقوات اللبنانية» والكتائب والكتلة الوطنية، ولو من دون ظهور حزبي مباشر، الا محاولة لسحب الدعم الشعبي عن الرئيس ميشال عون وتحميل عهده ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية، ومواجهته في الانتخابات، واضعاف تياره السياسي فيها، لتعديل موازين القوى، واستعادة الاكثرية النيابية.