العميد المتقاعد طوني مخايل - الحجر الأخير

  • شارك هذا الخبر
Sunday, November 17, 2019




هل الانتفاضة هي نتيجة صراع أميركي- روسي إنتقلت عدواها من سوريا الى لبنان؟ هل الانتفاضة هي اشتباك سعودي- إيراني على توسيع النفوذ والهيمنة؟ هل الانتفاضة هي سباق بين الأطراف السياسية اللبنانية على السلطة والحكم؟ هل الانتفاضة هي ثورة شعب على ما وصل اليه من مآسي على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية؟ من يمتلك الجواب اليقين على هذه الأسئلة؟
تبقى التحليلات السياسية للرد على هذه التساؤلات مجرد اهواء شخصية، منافع مادية، إجابات اكاديمية، احاديث منزلية، دردشات شارعية لأصحابها ولقائليها، المجهول هو سيد الموقف والرؤية معدومة.
لكن الأكيد وخاصة في الايام الأخيرة للانتفاضة ما وصل اليه بعض الغوغائيين(السفلة من الناس) من تهجم على الجيش والتطاول على عناصره والتوجه اليهم بالشتائم ورميهم بالحجارة.
لكن اليقين وجود شريحة إعلامية تختبىء وراء حرية التعبير وحقوق الانسان وتُطلق ابواقها باتجاه الجيش وقيادته كلما حصل صدام بين العناصر العسكرية وبعض المتظاهرين الحزبيين.
لكن الثابت تربُص بعض السياسيين لدور الجيش لبث سمومهم تجاهه وفقاً لمصالحهم الشخصية والضيقة غير مُكترثين بالمصلحة الوطنية.
ماذا يعني استهداف الجيش في مفهوم الثورات؟
في المعجم السياسي، الثورة تعني إسقاط الطبقة الحاكمة كلها، بداية بالوسائل الديموقراطية (انتخابات مبكرة، اعتصامات، تظاهرات...) وعند استنفاذ هذه الوسائل، يبدأ اهل الثورة بالتصعيد واستعمال الوسائل العنفية.
يُعتبر الجيش هو خط الدفاع الأخير عن الطبقة الحاكمة في نظر الثوار، لذلك عند المباشرة بالمرحلة الثانية للثورة أي استخدام العنف، يُستهدف الجيش وفقاً لخطة محددة.
الثوار في لبنان( مع التحفظ على هذه التسمية) يتوزعون الى ثلاث فئات:
- الفئة الاولى هم الملتزمين الحزبيين والرُعاع الذين ينفذون اجندة زعماءهم ولا يكترثون للمطالب الاجتماعية، وامورهم المادية مُتلازمة مع حسن تنفيذ ألخطة.
- الفئة الثانية هم الذين ينقادون وراء الاولى في التخريب والفوضى دون معرفتهم للاهداف المرسومة لهذه الاعمال.
- الفئة الثالثة (الأكثر عدداً)، هم أبرياء الثورة وضحايا الفاسدين والسارقين من اهل السلطة.
ضرب هيبة الجيش ومعنوياته، تقييد دوره ومهمته، تشويه صورته وسمعته وفقاً لسيناريو محدد بدقة من قبل الفئة الاولى وبمشاركة عفوية من الفئة الثانية وبتغطية بريئة من الفئة الثالثة سيؤدي الى
إندثار المطالب الاجتماعية والمعيشية المُحقة وإنتصار أهداف الفئة الاولى بعودة زعماء هذه الفئة الى السلطة على اكتاف الثورة، ويكون الزمن قد عاد بنا الى العام ١٩٩٠ عند نهاية الحرب الاهلية واستلام قادة الأحزاب المتحاربة زمام الحكم في لبنان.
أتوجه الى الفئتين الأخيرتين لعدم الانخراط الاعمى بهذا المخطط الشيطاني، والانتباه الى الشر المخفي في استهداف الجيش، تغطيتكم البريئة لهذه المجموعة هي التي تمنع الجيش من استخدام قوته وقُدراته، مساندة القوى العسكرية في مهماتها والثقة بقيادتها في هذا الظرف المفصلي هو واجب وطني.
أُناشد هاتين الفئتين بمتابعة اخبار الثورات الحالية في هذه البلدان: العراق، اليمن، ايران، فنزويلا، بوليفيا، تشيلي...
عشتم، عاشت الثورة البريئة وعاش الجيش.