حارث سليمان- متى يفرج الجنرال قاسم سليماني عن حكومة لبنانية مستقلة؟

  • شارك هذا الخبر
Thursday, November 14, 2019

جوهر كلام السيد نصرالله أن أميركا ترامب وعقوباتها هي سبب أزمتنا، وليس فساد وفشل الطبقة السياسية الحاكمة وتفاهتها، ومن يعارض هذا المنطق سيتم التشكيك بوطنيته وعروبته وانتمائه. إياكم والتصويب على الفساد، الذي قايضنا فيه، إمساكنا بقرار لبنان ودوره واقتصاده مقابل فتات وريوع وزعناها على أطراف الطبقة الحاكمة.

الشرنقة
الحقيقة جلية وعنيدة، فليس هناك عقوبات أميركية أو دولية على العراق، وليس هناك عقوبات دولية أو أميركية على لبنان. بل هناك عقوبات على حزب الله بالمعنى الضيق أفراداً وبنوكاً، وما يحاوله حزب الله فعلياً هو تحويل عقوبته إلى عقوبة تطال الشعب اللبناني بأجمعه، هو يتحصن بالناس ويقامر بقوت عيالهم، من أجل بقاء هيمنته وإمساكه بمفاصل الحياة السياسية.

أما سبب ندرة الدولار فليس حصاراً دولياً مزعوماً، إنما هو عدم قدرة لبنان بعملته الصعبة، وبميزان مدفوعاته، على تحمل أعباء تمويل المستوردات السورية وإطعام 18 مليون سوري. فسورية المدمرة لم يعد لديها موارد تزودها بالعملة الصعبة، ولذلك يتحمل هذا العبء سوق القطع اللبناني، وهو السوق الوحيد الذي يجري فيه شراء العملات الأجنبية من دون قيود في كل دول الجوار السوري.

لقد توهم حزب الله أنه يستطيع أن يقاتل كل الدنيا، وأن يستفز كل الدول، وسواء كان هذا وهم ذاتي أو تكليف إقليمي، فقد صنع لنفسه شرنقة تمسك بأنفاسه، وأدخل لبنان في شرنقته. فحرم الوطن من علاقاته العربية وصداقاته الدولية، وأشاح العالم بوجهه عن مساعدة لبنان كبلد، في وقت لا يريد هذا البلد مساعدة نفسه، وفي زمن أناط فيه أمين عام حزب الله بوطن الأرز، مسؤولية خوض حرب من أجل فك "حصار أميركا عن إيران".

مخالفة الدستور
مضى أربعة عشر يوماً على استقالة الرئيس سعد الحريري، وما زال رئيس الجمهورية، ممعناً بالتنكر لقسمه وواجباته الدستورية، ويحجم عن تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة، في سابقة لم تسجل في تاريخ تأليف الوزارات في لبنان وتسمية رئيسها.

فرئيس الجمهورية يرتكب مخالفة دستورية، أولاً، بعدم تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة. ويخالف الدستور ثانية، حين يحاول تأليف حكومة ليست من صلاحياته تأليفها، فالتأليف مهمة رئيس الحكومة المكلف، كما أن الضمانات التي يزعم تأمينها، وهو زعم باطل، موجودة في مجلس النواب، بمعنى أن الرئيس المكلف ليس مطلق اليدين إذا كُلِّف، وعليه استشارة الكتل النيابية، والرئيس لديه أكبر كتلة نيابية، أما عن توجه الحكومة فهو مربوط بالمجلس النيابي الذي ستمثل الحكومة أمامه لنيل الثقة. رئيس الحكومة هو من يتحمل المسؤولية أمام مجلس النواب وليس رئيس الجمهورية. فإذا لم تنل حكومته الثقة يذهب رئيسها إلى منزله، فيما يبقى رئيس الجمهورية في موقعه. الواضح أن ميشال عون لا يؤمن بالطائف ويتصرف كرئيس قبل الطائف وحاكم فاتك ويخالف الدستور مرة ثالثة.

ضمانات لحزب الله!
هذا في الدستور الذي لا يخضع لأهواء سياسية. أما في السياسة فعون ينفذ تعليمات قاسم سليماني والحرس الثوري الإيراني، الذي منع استقالة عادل عبد المهدي في العراق، ودفع ميليشيات الحشد الشعبي لمواجهة ثورة شعب العراق وأجياله الشابة، ويحاول في لبنان إعادة تشكيل حكومة بمواصفات الحكومة المستقيلة، ولذلك ظهر عون على شاشات التلفزة رجلاً يعيش في كوكب آخر. يمارس ترف هدر الوقت والعبث بمصير بلد ينهار في كل ساعة. ويراهن على فشل الثورة وإخمادها بكافة الطرق. كل ذلك بدفع وقرار يعود لحزب الله ولمن يواليه.

من جهة ثانية، يتساءل حزب الله متمسكناً؛ أريد ضمانات تؤمن مصالحي، قبل أن أفرج عن تشكيل الحكومة.. فباب الحكومة موصد بضياع موعد الاستشارات، حتى يهدأ بال حزب الله وينال ضماناته. شر البلية ما يضحك؛ حزب الله قلق، فلنهرع جميعاً لمعالجة مخاوفه وهواجسه! ولذلك فليحدد مصالحه؛ أين تبدأ حدود مصالحه، وأين تنتهي؟ هل تنحصر في لبنان وحدوده، وما هي طبيعة هذه المصالح؟ هل تتلخص بحقوق الناس وجودة عيشهم وتأمين أرزاقهم وطبابتهم وتعليمهم وصحتهم ومائهم وهوائهم و مجالهم العام؟ إذا كان الأمر كذلك، فهي مصالح شرعية مطلوبة لكل لبناني ولكل جماعة! وتتبناها الثورة منذ يومها الأول، فعلام القلق اذن؟ وأي ضمانات تطلب؟

دروع بشرية
ما يخشاه كثيرون أن الضمانات المطلوبة تتعلق بالانضواء في حلف الممانعة الممتدة من طهران حتى بيروت، وإضافة الصين ليس تورية أو تفريداً، بل تجميلاً لقميص قديم بحلة جديدة، لا يريد السيد نصرالله في خضم أزمة الناس وخوفهم على مصيرهم في لبنان أي حل أو تنازل، يبرد الأجواء، ويمكن لبنان من نيل مساعدات العرب والعالم. بل يريد أخذ شعب لبنان وناسه دروعاً بشرية تمكنه من مواجهة العالم، وتصعيد معركته وإيران ضد أعدائه وأعدائها. ببساطة، يغامر بكل لبنان فداء لمشروعه ومشروع فقيهه. وهو مشروع أحل الخراب في كل دول المشرق العربي. فالمطلوب ترك حدود لبنان سائبة للتدخلات الإقليمية والحروب الجهادية والتهريب الجمركي والاقتصاد الموازي الأسود!؟ هذه أمور لن يدلي بها أحد. لا جواب إلا إذا أرادت طهران الإجابة!

في واقع الحال، كل لبناني بحاجة لضمانة، قبل أن يقدم أحد ما ضمانة لحزب الله. اللبنانيون أمام المصرف والفرن بحاجة إلى ضمانة، فيما حزب الله يصرف رواتب عناصره بالدولار ونقداً.

اللبنانيون جميعاً في قلق وجذع، يسألون عن مدخراتهم وقدرتهم الشرائية وجنى أعمارهم، فيما إيران تبحث عن استمرار قدرتها على إمساك ورقة لبنان، في ملف مفاوضاتها، وتصادر باب تأليف حكومة، قد تفتح باباً لأمل قد يأتي. هل هناك بصيص نور لإيجاد مخرج لهذه الأزمة؟ والجواب نعم . كيف يكون ذلك؟ للبحث تتمة والثورة مستمرة.