العميد المتقاعد طوني مخايل - الجيش والابرياء

  • شارك هذا الخبر
Thursday, November 14, 2019

لن اكتب عن الخلافات الابدية للسياسيين اللبنانيين، لن اتحدث عن الدسائس الخبيثة لهذه الطبقة، لن أتكلم عن تناقُضات الشارع اللبناني، لن أغفر للمأجورين لبث السموم في البلاد وزرع الفتنة، لن ألعن المُتظاهر الذي ينقاد الى الفوضى بمجرد سماعه شائعة تمس أفكاره السياسية ومعتقداته، لكنني سأُسامح الشعب البريء والطيب الذي نزل الى الشارع مطالباً دولته بأدنى حقوقه الاجتماعية والمعيشية.
اولاً: أُخاطب الشعب اللبناني بأجمعه المُنتفض والمعارض للانتفاضة وأقول له بأن الجيش وقيادته حريصين عليه وعلى سلامته، مُصممين على الحفاظ على حق التظاهر وحرية التنقل والتعامل مع الجميع بروح عالية من المسؤولية الوطنية، عازمين على تثبيت الامن والاستقرار ودرء الفتنة.

ثانياً: أتوجه الى شرائح المجتمع اللبناني التي ذكرتها في المقدمة واستثني منها تلك الفئة البريئة والطيبة، إن الجيش اللبناني يمتاز بخبرة واسعة في عمليات حفظ الامن في الداخل، يتمتع بصبر وحنكة في التعاطي مع التظاهرات والمتظاهرين، هو على مسافة واحدة من الجميع، همه الوحيد تأمين حرية التعبير دون إراقة دماء، ولهذه الأسباب يجب ان لا تكون الاحكام عليه غب الطلب، هو الجيش الوطني وحامي الحمى عندما يردع خصومنا السياسيين، والجيش الفئوي والسلطوي عندما يتوجه الى اتباعنا وانصارنا.

ثالثاً: كلماتي في النهاية الى تلك الفئة البريئة والطيبة،فئة مطالبها مُصنفة حقوق، صرخاتها دعوات الى الله، تظاهراتها اشبه بمسيرات دينية، ان عناصر الجيش اللبناني يشبهونكم كنقطة المياه، يتألمون معكم ويشعرون فيكم، يُطالبونَكم بمزيد من الدعوات والمسيرات، يُناشدونكم أن لا تتركوا الشوارع وهُمْ حُماتكم من الغوغائيين والمُندسين، ولكنهم بالمقابل يتمنون عليكم، وعليكم فقط أن تشعروا بهم، ان تَحِسوا بتضحياتهم، أن تُقدِروا تعبهم، وأن تُسامحوا ردات الفعل المؤذية والنادرة التي تصدُرْ عن البعض من رفاقهم، إنهم بشر مثلكم، لم يروا اولادهم منذ بداية الانتفاضة وغير معلوم متى نهايتها، لا يستطيعون في هذه الاوقات الصعبة سوى الاستماع الى مشاكل عائلاتهم الا عبر الهاتف، عاجزين عن تدبير أمور العجزة من أهلهم، لا أكتب ذلك لأُبرر تصرفاتهم وأعطيهم صك براءة، فالثواب والعقاب بيد القيادة وهي الأدرى بذلك، إنما أقول لكم كي لا يتزعزع إيمانكم وحُبكم لهذا الجيش، فهو ملاذكم الأخير وخشبة خلاصكم.
عُشتم أيها الأبرياء وعاش الجيش.