غرفة سرية في مبنى الكابيتول... هنا تكتب أولى سطور قصة عزل ترامب
شارك هذا الخبر
Sunday, November 10, 2019
عندما يتحدث التاريخ عن فترة رئاسة دونالد ترامب، سيذكر سعي مجلس النواب لعزله في غرفة صغيرة مقاومة للتجسس تحت درج حلزوني في مبنى الكابيتول الأميركي. هناك، تسمع ثلاث لجان الشهادات عن حملة الضغط التي شنها ترامب على أوكرانيا، حتى تجمع الأقوال كأساس تنطلق منه حملة سحب الثقة من الرئيس الأميركي.
وعلى الرغم من أهميتها في عملية عزل الرئيس في واشنطن، تبقى الغرفة المعزولة بعيدة عن الأنظار. ويسلم كل الأشخاص الذين يسمح لهم بدخولها هواتفهم عند الباب ويشقون طريقهم إلى المكان الصغير المصمم لاحتضان عدد قليل من الأشخاص. وتشحن الطموحات والمخاطر السياسية الكبيرة جو الغرفة الذي يتحول من البرد الشديد إلى الحرارة.
وقال الديمقراطي آدم شيف، الذي يشغل منصب رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب الأميركي، إن الموجودين أخبروه بأن رائحة الغرفة أصبحت تشبه تلك الموجودة في غرف تبديل الملابس.
أصبحت الغرفة مركز العملية. وصممت المساحة الآمنة وفقا لمعايير محددة تفصل المواد والحجم وكيفية استخدامها بهدف السماح بإجراء عمليات سرية دون التعرض لخطر التجسس.
ويملك مجلس الشيوخ الأميركي واحدة من هذه الغرف، أين يجتمع أعضاؤه لقراءة المستندات الخاصة مثلما حدث خلال جلسات استماع القاضي المحافظ بريت كافانو المتهم بالتحرش الجنسي في العام الماضي. كما تصنّف غرفة العمليات المعروفة رسميا باسم قاعة جون إف كينيدي للمؤتمرات في البيت الأبيض ضمن هذه الغرف.
تجربة لا تنسى
عادة ما تبنى هذه الغرف بلا نوافذ. وتشمل الفتحات والفجوات الأخرى مواد مثل المطاط لعزل الصوت عن العالم الخارجي. ويجب على جميع الذين يدخلونها تسجيل حضورهم وتسليم الأجهزة الإلكترونية عند المدخل، حتى وإن كانت أساور اللياقة البدنية.
يفترض أن تسير الأمور على هذا النحو. لكن، في حادثة عززت شهرة هذه الغرف، توجه ما يصل إلى 20 من الجمهوريين الذين كانوا يشتكون من سرية العملية لاقتحام المكان خلال أواخر الشهر الماضي، ولم يتوقفوا سوى لعقد مؤتمر صحافي في أسفل الدرج الحلزوني.
مكنت هذه الممارسات من تعطيل تحقيق الديمقراطيين لبضع ساعات. من جهته، قال آدم شيف إن السرية مهمة لمنع الشهود من تنسيق قصصهم لتتماشى ضمن رواية واحدة. وبدأ العديد من أعضاء الحزب الجمهوري في التغريد على حساباتهم المفتوحة للجميع على موقع تويتر من داخل الغرفة، مما يعدّ اختراقا أمنيا محتملا. وتم استدعاء المسؤولين عن الأمن في البرلمان والكابيتول.
وقال عضو الكونغرس مات غايتز المدافع الشرس عن ترامب “عاجل: قدت أكثر من 30 من زملائي إلى منشأة المعلومات الحساسة حيث يعقد رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب (آدم شيف) جلسات استجواب سرية تتعلق بعزل ترامب. لا نزال في الداخل، سأزودكم بالمزيد من التفاصيل”.
وفي تصعيد للمواجهة مع الديمقراطيين، طلب الجمهوريون عربة مليئة بالبيتزا للصحافيين الذين كانوا متواجدين حول الموقع. صورت صناديق البيتزا دون أن تفتح، إذ لا يمكن للصحافيين قبول هدايا من المشرّعين حفاظا على حيادهم عند نقل الأخبار.
وفي نهاية المطاف، غادر الجمهوريون وعقدوا مؤتمرا صحافيا آخر في طريقهم إلى الخارج. واستأنف الباقون العملية التي اجتمعوا من أجلها بعد التأكد من خلو الغرفة من أي أجهزة مراقبة. تبدو القصة على وشك الانتهاء، حيث أنهى الديمقراطيون إجراء المقابلات وستبدأ جلسات الاستماع العامة الأسبوع المقبل.
وستذاع جلسات الاستماع وعملية استجواب المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين للشهود في مقر الكونغرس على الهواء مباشرة.
وسيكون بيل تايلور من أوائل الشهود، وهو القائم بأعمال سفير الولايات المتحدة في أوكرانيا.
لكن، ستبقى عربة البيتزا صورة رمزية. وستبقى الهاشتاغات في سجل الإنترنت مع مجموعة من الأسماء المستعارة المتنوعة والمسندة إلى الدرج الحلزوني الذي يقود إلى الغرفة.
رحلة خاصة
بالنسبة إلى المشرعين، يعدّ دخول الغرفة رحلة خاصة تبدأ من نفق في قبو الكابيتول. يأخذهم هذا الممر إلى أتريوم فوق الدرج، ثم ينزلون طابقين ويمرون من مجموعة من الأبواب التي تحمل علامات حمراء تمنع الدخول.
ثم يمرون فوق سجادة بلون التوت البري أمام أعلام وكالات الاستخبارات. ويترك المشرعون أجهزتهم الإلكترونية وراءهم ويأخذون مفتاحهم ليدخلوا غرفة آمنة صغيرة لا تسمع محادثاتهم خارجها.
كانت الغرفة مزدحمة خلال العمليات الأخيرة لأنها مصممة لجمع لجنة واحدة مع موظفيها. ويشمل التحقيق في قضية عزل ترامب 3 لجان، وموظفيها، وشهودها، والمرافقين.
في الأيام الأخيرة، سافر الجمهوري تيم بورشيت من ولاية تينيسي في اتجاه الأبواب المزدوجة، ولم يكن يبدو متحمسا أو راغبا في التواجد هناك. كعضو في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، يحق له حضور الجلسات. وقال إنه شاهد 30 شخصا في غرفة واحدة، وكان بعض الحاضرين واقفين لعدم توفر المقاعد الكافية أو المساحة اللازمة لإحضار كرسي آخر. ووفق الدستور الأميركي، تمتد عملية العزل على مرحلتين؛ الأولى في مجلس النواب ثم تنتقل إلى مجلس الشيوخ.
وإذا صوت مجلس النواب لصالح تمرير القضية لمجلس الشيوخ بعد جلسات الاستماع، يبدأ الأخير محاكمة الرئيس. ويتطلب العزل تصويت مجلس الشيوخ لصالح الأمر بأغلبية الثلثين.