العميد المتقاعد طوني مخايل - الى المجهول سِر

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 4, 2019

من النادر ان يُبادر اللبنانيون او فئة منهم الى التظاهر،مطالبين بتحقيق حقوق سياسية،اجتماعية او معيشية، انما تأتي معظم تظاهراتهم كرد فعل على اجراء ما، قامت به حكومتهم.
أساس المشكلة ليست بفرض ضريبة تُقابلها تظاهرة، فهذا يحصل في كل دول العالم،ولكن الاستثناء اللبناني الشهير الموجود في هذه الظاهرة هو كيفية نظرة الطرفين لبعضهما في ظل هذه الظروف، فأهل السلطة يُبادرون سريعاً الى القول بأن المُتظاهرين مدسوسين من خصمنا السياسي،ومطالبهم ليست اجتماعية بريئة،بل هي سياسية تخدُم مُعارضينا.
اما المتظاهرين فيبدأون بشتم اهل السلطة،واتهامهم بالسرقة والفساد،وعندما تُطالبهم بتسمية السارقين والفاسدين،يُسَّمون كل الزعماء ويستثنون زعيمهم بالرغم من ان هذا الزعيم هو من كبار اهل السلطة والحكم،ويبقى الوضع يدور في حلقة مفرغة دون اية نتيجة.
انتفاضة ١٧تشرين الاول أتت مختلفة عن باقي التحركات الشعبية السابقة،مختلفة بتوزعها المناطقي على كامل مساحة الوطن،متميزة برفع شعار الهوية اللبنانية الواحدة،متضمنة نسبة كبيرة من الشباب،رافعة شعار "كلن يعني كلن".
كذلك الامر جاء الاختلاف ليصْبُغْ ردة فعل السياسيين، فمنهم من ركب موجتها بالكامل (بالرغم من رفضهم من قبل جمهور الانتفاضة)،ومنهم من اعترف بأحقية مطالبها واعتبرها مطالبه التاريخية،ومنهم من خَوَّنها واتَّهم أركانها كالعادة بالعمالة للخصوم السياسيين،وصولاً الى اعتبارهم دمى تحركهم سفارات اجنبية.
شباب الانتفاضة مطالبهم هي في الأساس حقوق،حقوق الانسان الطبيعية،الحرية،الامان،العيش الكريم،المساواة، والبعض يَتستَّر وراء التحرك لتحقيق مطالِبه السياسية واحياناً الشخصية.
استجابة اهل القرار الكلامية إيجابية،لناحية شرعية الحقوق،ضرورة محاربة الفساد،العدل والمساواة في تطبيق القوانين،ولكن في لبنان يوجد دائماً قطب مخفية : الولايات المتحدة وحربها على حزب الله، إسرائيل ورغبتها بتدمير الكيان اللبناني، ايران ومحاولتها السيطرة على العالم العربي، سوريا وطموحها العودة الى السيطرة على القرار اللبناني والقِطب تطول.
من المستحيل ان تتلاقى مطالب الشعب بحسابات الطبقة السياسية، والمجهول مع اسراره هو مصير اللبنانيون بمختلف طوائفهم،ومستواهم الاجتماعي،وتوزعهم المناطقي.
الفتيل اللبناني مشتعل والمسافة التي تفصله عن برميل البارود قصيرة جداً،الانفجار لن يوفر احد والخسائر ستكون موزعة على الجميع وبنسب معينة،فمن يملك اكثر ستكون خسائره اكبر ومن يمتلك الثياب التي يرتديها فقط فخسارته معدومة.