روي ج. حرب - خدوني ع قد عقلاتي

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, October 9, 2019

كلّنا نحبّ الشهرة والأضواء، وللغاية ترانا نتأنّق ونتجمّل، ونصطنع الضحكات من أجل صورة، أو ندعو الرفاق والأصدقاء للسهرات، أو ندلي بدلونا على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي التي صارت مفتوحة أمام الجميع لنشر الحريّة من دون حسيب ولا رقيب؛ فهذا رأي قد يتناسب والتوجّه الدائم، أو الموجة السائدة، فترى صاحبه قد حلّق في فضاء الشهرة، وآخر شكّل صدمة للرأي العام فبات بين لسان وأذن، وبين ليلة وضحاها على كلّ شفّة ولسان، وصار حديث المجتمع الصاخب أو الضاحك أو المستهجن، ولكنّه حقّق الشهرة المبتغاة.
جميعنا نحّب الضوء، فترانا كالفراشات نحلّق حوله حتى يحرقنا... والأمثلة كثيرة!

هذه فنّانة استهلكت صورها فلم يعد لطلّتها أيّ بريق، وتلك سيّدة مجتمع أقحمت المجتمع في خصوصيّاتها حتى بات المجتمع نفسه يحتاج منها فرصة ليرتاح، وهذا رجل أعمال أوهم الناس أنّه الأفضل والأهم والأنجح حتى ملّوا منه واكتشفوا فراغه، وهناك من نصّب نفسه ناقداً فنيّاً أو محلّلاً سياسيّاً أو مناقشاً اجتماعيّاً أو واعظاً دينيّاً من دون ثقافة أو عمق أو شهادة أو دراية بأيّ ممّا سبق ذكره.

وعلى قاعدة خالف تُعرف، باتت صيحات الموضة على الشبكة العنكبوتيّة... فترى هذه المدّعية الفن تجاهر بالعفّة والطهارة، وأخرى تستعرض مفاتنها بكلّ وقاحة، وآخر رجولته وعضلاته، فبات مجتمعنا سوقاً لبيع وشراء ما لذّ وطاب من أنواع الشهرة، ضاربين عرض الحائط بالقيم والأخلاق والعائلات، مشدّدين على الضوء، متناسين أن لا عمق له ولا فيه، حتى بتنا نتساءل أين الدورالفعلي الذي يجب أن تلعبه الرقابة على مختلف مستوياتها، بدءاً من الرقابة الذاتيّة، وأين صوت الضمير لا يحرّك ساكناً، وأين الأقلام الشريفة من ما نشهده؟
قد يقول قائل فلنغضّ الطرف، موجة وستزول، ولكن حتى ذلك الحين كيف ستؤثّر على عقول مراهقينا وشبابنا وأطفالنا؟

وبمناسبة الشهرة السلبيّة التي نتطرّق لموضوعها، وعلى الرغم من صيت بيروت الذائع اواسط القرن الماضي بالفن والفنانين الذين ملأوا الدنيا وشغلوا الناس بإبداعهم، إلا أنّ بعض الأسماء لمعت حتى ناهزت بشهرتها أولئك المبدعين، فنستذكر "عفاف" التي لا تزال ذائعة الصيت حتّى يومنا هذا، رغم رحيلها عن عالم الأضواء، وهي التي كانت تملك أكبر شبكة دعارة في بيروت وتحاك في منازلها أهم وأضخم الصفقات على مختلف أنواعها، و"فاطمة" البصّارة التي شغلت بيروت أوائل السبعينات، و"الدكتور داهش" الساحر اللبناني الذي اضطُهد على عهد فخامة الرئيس بشاره الخوري وسُحبت منه الجنسيّة... أمّا جهابذة اليوم فبات القارئ على دراية بهم أكثر منّا، ولكنّنا نترفّع عن تلويث مطالعتكم بمنشوراتهم...

كلّها شهرة .. كلّها اضواء ... كلّها تستدعي حديث الناس واهتمامهم... ولكن هل كلّها مفيدة؟ هل تبني مجتمعاً جديداً أم تدمّره؟ هل بتنا نمشي قدماً باتجاه الهاوية؟
لننقذ مجتمعنا قبل فوات الأوان!
#خدوني_ع_قد_عقلاتي