خاص- مواجهة للتجنّي... والشعب يعلم

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, October 1, 2019

خاص- الكلمة أون لاين

أتى موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي المدافع عن كل من حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة وقائد الجيش العماد جوزاف عون ليؤمن غطاء واسعا على هذين الموقعين السياديين اللذين يتعرضان لحملات مشبوهة ومكشوفة لأهداف رئاسية بحيث يجب حرقهما او اقصاء كل منهما من منصبه لابعادهما عن الحلبة الرئاسية، في حين ان هذه الحسابات غير موجودة لدى سلامة وعون وهما يمارسان مهامهما بكل مسؤولية وضمير.

كان واضحا وضع الرئيس القوي للجمهورية ميشال عون الطابة في ملعب وزير المال علي حسن خليل وحاكم البنك المركزي بهدف اخراج ذاته وعهده من التردي الاقتصادي الذي وصل اليه البلد نتيجة تنامي الفساد والصفقات الموزعة بين الكهرباء والسدود... وفي كل عملية تلزيم.

يزور سلامة رئيس الجمهورية في ظل تأييد له من كل من واشنطن التي تقدّر مناقبيته وشفافيته وكذلك قوى سياسية محلية الى جانب البطريرك الراعي الذي كان موقفه مميزا في عظة الأحد.

لكن محاولة تحميل سلامة المسؤولية بهدف ترجمة اجندة رئاسية للعهد لم تعط ثمارها، لان الشعب اللبناني يعلم وكذلك القوى السياسية والاقتصادية والمصرفية ان سلامة يؤمن حماية الليرة نتيجة قرار سياسي وهو ليس مسؤولا عما تشهده البلاد، لأن ذلك يكون نتيجة تردي الأوضاع السياسية التي تنعكس على النقد الوطني على غرار ما حصل في البلدان التالية:

1- ان سعر الجنيه الاسترليني خسر من قيمته حوالي 25% نتيجة رغبة بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي بما انعكس على قيمة نقدها الوطني ولا علاقة لحاكم المركزي بذلك البلد في هذا الأمر.

2- ان الليرة التركية فقدت من قيمتها على مراحل عدة، بينها التجاذب مع واشنطن على ملفات اقليمية وعسكرية وكذلك تدنت مرة ثانية بعد خسارة اردوغان للانتخابات البلدية في مرحلتيها، اذ دل الواقع ان الحالة السياسية في البلاد غير سليمة نتيجة خسارة اردوغان انتخابات اساسية وفرعية في اسطنبول حيث تدنت الليرة عما كانت عليه، ومع ذلك فلا علاقة لحاكم المصرفي المركزي في هذا البلد.

3- ان اوروبا تشهد تراجعا في قيمة اليورو نتيجة الاحداث التي تحيط بهذه المنطقة سواء كان ذلك مع الولايات المتحدة او نتيجة خلافات افقية كما هو الحال مع بريطانيا او روسيا احيانا، ومع ذلك فلا علاقة لحكام المصارف المركزية في هذه البلدان.

4- حتى ان الليرة السورية فقدت من قيمتها بقوة منذ نحو شهر نتيجة الازمات التي تشهدها البلاد محليا وخارجيا دون ان يكون لذلك علاقة بحاكم المصرف المركزي السوري، اي انها فقدت قيمتها نتيجة واقع سياسي جد مأزوم محيط بالمجال الاقتصادي.

لكن بعيدا عن المعطيات الآنفة، فإن الشعب اللبناني يعلم أن قيمة الاحتياطي المركزي بدأت تتراجع نتيجة محطات وأحداث عدة، على سبيل المثال الفراغات الحكومية التي كان للتيار الوطني الحر او آخرين دورا فيها ابان تشكيل الحكومات، بما كان يتطلب ضخ الدولار من المصرف المركزي لحماية الليرة، حيث ان مراحل الفراغ الحكومي والرئاسي التي امتدت لسنوات ارهقت الخزينة، وكان على سلامة ان يحمي الليرة من خلال تزويد السوق بالدولار الأميركي، كما حصل مؤخرا في مسألة قبرشمون التي امتدت نحو 40 يوما كانت البلاد خلالها تعيش حالة توتر على قاعدة نصب كمين في تلك المنطقة لينتهي الأمر بغداء في بيت الدين وكأن شيئا لم يكن، وفي ذلك كانت قيمة الاحتياطي بالمركزي تتراجع لحماية مواقف سياسية غير مدروسة وحسابات رئاسية غير مضمونة، وفي ذلك الشعب يعلم من أرهق الخزينة.

كما ان سلامة كان حذر المسؤولين من مغبة الزيادة في سلسلة الرتب والرواتب لما يترتب على ذلك من مضاعفات، وقد تبع هذه الزيادة توظيف 5300 موظف بما ساهم في افراغ الخزينة من الفائض نتيجة حسابات انتخابية شخصية.

إلى ذلك، الشعب أيضا يعلم ان الصفقات في الكهرباء والنفايات وغيرها من التلزيمات في السدود والمرافق السياسية التي تحمل كلها صفقات واضحة بين اركان الحكم افرغت الخزينة من الفائض لصالح انتفاخ جيوب عدد من المسؤولين، والشعب يعلم ذلك.

لذلك جاء موقف الراعي المدافع عن سلامة، لأنه أسوة بالشعب اللبناني، يعلم مكامن الثغرات التي أدت إلى هذه الأزمة النقدية والمالية في البلاد سيما ان البطريرك حذر سابقا من الفساد والصفقات، اي انه كالشعب يعلم ان السلطة ترتكب الموبقات وهي غير مهتمة سوى بالحفاظ على كراسيها او تأمين كرسي رئاسية مستقبلية لترجمة اهواء "دفّعت" البلاد الكثير الكثير منذ نحو 30 عاما حتى اليوم.

لذلك يأتي الدفاع عن رياض سلامة كما الدفاع عن قائد الجيش، ومن أجل الحفاظ على مكامن القوة في البلاد منعا لوصول متزلفين كما بينت التعيينات في أكثر من منصب، وذلك من أجل ترجمة الطموحات الصغيرة على حساب الأوجاع الكبيرة للمواطنين التي عبر بعضهم عنها في تحركات الشارع. اذ الدفاع عن سلامة يهدف لعدم تمكن المسؤولين الذين يمعنون في الفساد من تحميله نتيجة صفقاتهم بحيث يبرّئون ذاتهم من دم الشعب ويستمرون في أدائهم الفاسد، اذ انه مضى على تولي سلامة حاكمية مصرف لبنان نحو 25 عاماً ولم يصدر طيلة هذه الفترة من أي جهة أو ملاجعية نقدية دولية ملاحظات حول شفافيته وأدائه في حين صُنّف لبنان في المرتبة 136 دوليا على لائحة الفساد وتحديدا ابان التركيبة الحالية للسلطة التي هو وجوزاف عون براء منها ومن أدائها وفسادها...


سيمون أبو فاضل