متى تظهر صواريخ أس 400 الروسية في لبنان؟

  • شارك هذا الخبر
Sunday, September 22, 2019

تواصل الصحف والمواقع الروسية الدائرة في محيط الكرملين الحديث عن "الفرصة السانحة" أمام السلاح الروسي في الشرق الأوسط ، بعد قصف منشآت النفط السعودية الأسبوع الماضي . وترى أن المجمع الصناعي الحربي الروسي بوسعه الحصول على "ارباح لا باس بها" من الهجوم على المنشآت السعودية ، واثنت على وزارة الدفاع لاختيارها "الوقت المناسب" للدعاية لصواريخ S-330 و S-400 ، بل واعتبر بعضها أن روسيا سوف تزيح الولايات المتحدة عن مواقعها في العالم العربي بواسطة الصواريخ الأخيرة .

فقد اعتبرت صحيفة الكرملين "vz" أن ما حدث في أنقرة الأسبوع الماضي لم يكن من الممكن تصور حدوثه منذ سنوات ، وذلك حين عرض الرئيس بوتين على القيادة السعودية شراء الصواريخ الروسية S-400، بعد أن كان قد استشهد بالقرآن . وحين تدخل الرئيس الإيراني ، ناصحاً الرياض اية صواريخ هي الأفضل ، قال له بوتين "دعهم يختارون" .


وقالت الصحيفة في مقالة لها بعنوان " روسيا تزيح الولايات المتحدة في العالم العربي بمساعدة صواريخ S-400" أن روسيا ، ومنذ مطلع العقد الراهن ، لم تستعد فقط مواقع اللاعب النشط في الشرق الأوسط ، بل وأصبحت اللاعب الخارجي الأهم في اللعبة الكبرى في المنطقة . وفي حين تفترض أن الولايات المتحدة تفقد في هذا الوقت مواقعها السابقة في المنطقة ، ترى أن النفوذ الروسي المتجدد يستند إلى عوامل عديدة: الحملة السورية الناجحة ، التقارب غير المسبوق مع تركيا ، الشراكة المتنامية مع إيران ، التعاون التقني العسكري مع مصر والجزائر ، التنسيق الوثيق مع المملكة العربية السعودية بشأن اسعار النفط. إضافة إلى ذلك ، ترى أن الجميع في المنطقة يتقربون منها ، بمن فيهم أولئك ، الذين يتخبطون في أزمات مختلِفة ، مثل اللبنانيين والعراقيين واليمنيين والفلسطينيين .


وقد تنبهت الصحيفة، ولا بد، إلى الكلفة الباهظة للمهمة، التي ترى أن روسيا تتصدى لها بصواريخها فقط ، فقالت بأن روسيا ، صحيح أنه ليس لديها من المال ، ما لدى الصينيين أو الأميركيين أو الأوروبيين ، لكن لديها السمعة الطيبة المرتبطة بالتركة السوفياتية ، وبما تقوم به هي في السنوات الأخيرة بالمنطقة . فهي تستند إلى معرفتها بالمنطقة ، وإلى وفائها لكلمتها ولحلفائها (الأسد مثالاً)، وإلى توجهها إلى تهدئة التناقضات الداخلية في المنطقة ، وليس إلى تأزيمها، وإلى السلاح الجيد، بالطبع ، الذي يعرفه الكثيرون في المنطقة منذ زمن بعيد. لكن صواريخ S-330 و S-400 اصبحت في السنوات الأخيرة رمزاً للنجاحات الروسية في الشرق الأوسط ، برأيها .


واعتبرت الصحيفة أنه، إضافة إلى المليارات التي تتلقاها روسيا مقابل هذه الصواريخ ، يبقى المهم بالنسبة لها هو ما تعنيه عملية شراء هذه الصواريخ من وقوف الدولة المعنية بوجه الضغوط الأميركية ، إذ تحولت العملية بنظر المجتمع الدولي إلى رمز لاستقلالية الدولة الشارية . وتتخذ من تركيا ، التي تربطها علاقات تحالف مع الولايات المتحدة ، دليلاً ساطعاً على صعوبة اتخاذ مثل هذا القرار ، وعلى دلالته السيادية. وتقول بأن الكثير من الدول تريد الحصول على صواريخ S-400 ، لكن ليس جميعها تتمكن سياسياً من اتخاذ مثل هذا القرار ، والآن جاء دور السعودية لتختبر قدرتها في ذلك .


وتذّكر الصحيفة بالزيارة "الأولى في التاريخ" للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو ، وباللقاءات المتكررة بين الرئيس بوتين وولي العهد السعودي ، وتقول بأن بوتين قد وعد ، خلال اللقاء الأخير بينهما في أوساكا باليابان ، بزيارة المملكة في خريف السنة الحالية . ومنذ أيام أكد الكرملين ، أن الزيارة ستتم في تشرين الأول/أوكتوبر القادم ، وسوف يكون برنامجها حافلاً بالموضوعات ، التي تهم الطرفين ، لكن مسألة شراء صواريخ S-400 سوف تكون ورقة الإختبار الحقيقي ، لأن المفاوضات بشأنها بدأت خلال زيارة العاهل السعودي إلى موسكو في العام 2017 . لكن المشكلة، برأيها ، تكمن في الوعد ، الذي كان قد قطعه السعوديون قبل ذلك للرئيس الأميركي ترامب بشراء صواريخ THAAD ، وهو ما يهدد بإثارة استياء الأميركيين الشديد ، الذي على السعوديين تبريره بشكل ما.


لكن الصحيفة تقول ، بأن الملك سلمان لن يرضى بأن يكون محرجاً أمام الرئيس بوتين ، وأن يبدو غير مستقل بقراره ، وغير ملتزم بوعده شراء صواريخ S-400 ، ولذلك، ثمة احتمال كبير بأن تلتزم الرياض بكلمتها وتتكلل زيارة بوتين باتفاقية بشأن تلك الصواريخ .


من جهتها ، تقول صحيفة "NG" الروسية ، التي تدعي الإستقلالية ، بأن اللبنانيين ، كما السعوديين والعراقيين، يناقشون مسألة شراء تقنيات عسكرية روسية . وفي مقالة لها بعنوان " صواريخ S-400 قد تظهر بجوار إسرائيل" ، تقول الصحيفة ، بأن التوتر حول إيران يخلق خلفية جيدة للمفاوضات بشأن مبيع وسائل الدفاع الجوي الروسية . وقد ظهرت في لبنان ، حسب الصحيفة، تكهنات حول مثل هذه الصفقة ، التي يعتبر الخبراء بأنها ممكنة في ظل "ظروف معينة".


لكن الصحيفة تشكك بشكل صريح بإمكانية تحقق مثل هذه الصفقة مع لبنان ، وتقول بأن الصحافة اللبنانية تنسب إلى موسكو رغبتها في بيع وسائل دفاع جوي إلى بيروت من أجل لجم النشاطات الإسرائيلية . وتقول بأن من المستبعد أن تنظر القيادة الروسية بجدية إلى مثل هذه الصفقة ، التي تنطوي على إمكانية أن تقع التقنيات الروسية في متناول يد حزب الله ، الذي له ناسه في القوات المسلحة اللبنانية . وليس من المستبعد أن تكون قد برزت لدى الروس مخاوف مماثلة ، لدى مناقشة أفق التعاون التقني العسكري وشراء صواريخ S-400 خلال زيارة مساعد رئيس الوزراء العراقي فالح الفياض إلى موسكو منذ مدة قريبة .


وتنقل الصحيفة عن خبير روسي متخصص بالعلاقات الروسية مع بلدان الشرق الأوسط تأكيده ، بأن التكهنات بشأن بيع لبنان صواريخ S-400 الروسية قد ظهرت بمناسبة محادثات بوتين مع نتنياهو في سوتشي ، حيث عبر بوتين ، كما أُشيع، عن خيبة أمله من الضربات الإسرائيلية إلى لبنان ، واعتبرها خطوة عدوانية ، وليس عملاً مشروعاً في الدفاع عن النفس ، كما كانت تريد إسرائيل . وثم احتمال ضئيل ، برأيه، بأن تقدم موسكو في المدى القصير على بيع لبنان وسائل دفاع جوي ، ويُلفت إلى أن الإشاعات عن صفقة محتملة بين موسكو وبيروت تظهر ، بشكل أساسي ، في مطبوعات موالية لحزب الله .


ويقول الخبير هذا، أن لبنان سبق أن طلب من موسكو في تشرين الثاني/نوفمبر العام 2018 المساعدة في مجال الدفاعات الجوية ، إلا أن الأمر لم يسفر عن شيئ . فروسيا تريد الحفاظ على العلاقات مع جميع اللاعبين في الشرق الأوسط ، وذلك يغية رفع مستوى نفوذها ، وميزان القوى بين إيران وإسرائيل يعتبر بنداً مركزياً في هذه المقاربة الروسية الإستراتيجية . إضافة إلى ذلك ، فإن عقد مثل هذه الصفقة مع لبنان يلحق ضرراً جدياً بالعلاقات الروسية الإسرائيلية ، برأي الرجل .


ولا يمكن أن يتبدل الوضع بالنسبة لبيع بيروت التقنيات الروسية إلا في حالتين، على رأي الخبير هذا. الحالة الأولى تتمثل إما في فشل ترامب في انتخابات العام 2020 ، وإما في فشل نتنياهو في الإنتخابات الإسرائيلية الحالية وحلول بني غانتس مكانه .


أما الحالة الثانية فتتمثل في شن حرب إسرائيلية شاملة على حزب الله ، وحينها قد تشعر موسكو بأن مصالحها الحيوية في سوريا عرضة للخطر ، وتبدي حينئذ انحيازها لإيران وتنشر صواريخ S-400 في لبنان .


بسام مقداد- المدن