هل نجح لبنان في العبور إلى «شاطئ الأمان» المالي - الاقتصادي؟

  • شارك هذا الخبر
Sunday, September 15, 2019

هل ينجح لبنان في العبور إلى «شاطئ الأمان» المالي - الاقتصادي في غمرة العواصف المتشابكة في المنطقة؟
سؤالٌ تضجّ به الكواليس السياسية في بيروت في ظلّ ارتسام ملامحِ محاولةٍ لتفادي «كارثةٍ» مالية يلوح شبحُها وذلك عبر التقاطِ «الفرصةِ الذهبيةِ» التي يشكّلها استمرارُ الحرص الدولي على استقرار البلاد خشيةَ أي انفجارٍ لـ«قنبلة النازحين» في اتجاه شواطئ أوروبا كما بفعْل عدم رغبة واشنطن في «وجع رأسٍ» جديد انطلاقاً من لبنان ولا سيما في ظلّ انفلاش «ملاعب النار» في المنطقة، وفي الوقت نفسه عدم وجود مصلحة لإيران في «التخريب» داخل ما تعتبره «ساحةَ نفوذٍ» صارتْ «في جيْبها» سياسياً وعسكرياً (عبر «حزب الله» وتحالفاته التي أمّنت فوزاً في الانتخابات النيابية الأخيرة) إلا بحدود ما يقتضيه «منسوب» المواجهة مع الولايات المتحدة في المنطقة ورسْم «توازنات الردع» تحت سقف «الحرب الباردة» حتى الساعة.
وبات جلياً أن هذه «المحاولة الأخيرة» تقف على محكّ مزدوج: الجانب الأول منه يتّصل بقدرة السلطة السياسية على أن تكون على قدر ما يتطلّبه «الخطر» المالي - الاقتصادي من جديةٍ في ترجمةِ كل الخطوات الإنقاذية «التقنية» التي صارت «شَرْطية» للاستفادة من مخصصات «مؤتمر سيدر» (للنهوض المالي والاقتصادي) وتالياً التأسيس لمرحلةٍ جديدة من التعاطي تُعاكِس كل «النهايات غير السعيدة» لمحاولات الإصلاح المتكررة منذ نحو عقدين من الزمن.
أما الجانب الثاني فيرتبط بمدى إمكان عزْل هذا المسار، الذي ينطلق من «الواقعية السياسية» التي تعتمدها أطراف لبنانية بإزاء «مشكلة حزب الله» كما من حتمية منْع انهيار البلاد من «الخاصرة المالية»، عن العصْف الكبير في المنطقة الذي يقع لبنان «على فالقه»، وسط أسئلة لا تقلّ أهمية عن الأثمان التي قد تدفعها بيروت بحال الإفراط في الواقعية تحت عنوان «صفر مشكلات سياسية لإطلاق ورشة النهوض».
وإذا كانت زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى باريس يوم الجمعة حيث سيلتقي الرئيس ايمانويل ماكرون يفترض أن تشكّل انطلاقة تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» و«عندها يمكن لبنان أن يبدأ بالاستفادة من القروض الممنوحة له (أكثر من 11 مليار دولار)» وفق كلام الحريري الذي يتسلّح في طريقه الى فرنسا ببدء مسار تعييناتٍ قضائية وإدارية ووضْع موازنة 2020 على الطاولة ومواكبة حثيثة لملف الكهرباء، فإنّ الإشارات تتدحْرج حيال تَقَلُّص هامش المناورة لبنانياً في ظلّ مؤشريْن:
الأول إمعان إيران في اللعب «على حافة الحرب الكبيرة» في المنطقة، والثاني مضيّ واشنطن في «حرب العقوبات» الأقسى على «حزب الله» وهو ما عبّر عنه تقاطُع المعلومات حول زيارة الديبلوماسي ديفيد شنكر لبيروت قبل أيام لجهة تَرقُّب صدور لائحة جديدة من العقوبات تشمل لبنانيين من خارج الطائفة الشيعية (أي حلفاء له)، وصولاً إلى الكلام الواضح لنائب وزير الخزانة مارشال بيلينغسلي الذي أكد أن «واشنطن ستواصل الضغط على حزب الله لوقف تمويله، ومعاقبة كل مَن يموّله... وسنعمل مع الحلفاء لخنق حزب الله وفيلق القدس والنظام الإيراني»، موضحاً أن «المصرف المركزي في لبنان يعاني بسبب تصرفات حزب الله»، ومعلناً أن «إيران كانت تموّل حزب الله من طريق جمّال ترست بنك».
وفيما يتحضّر رئيس الجمهورية ميشال عون للتوجه إلى نيويورك لترؤس وفد لبنان الى الجمعية العامة للأمم المتحدة (22 الجاري) وسط تقديرات بأن اللقاءات التي سيعقدها لن يغيب عنها لا القرار 1701 وضرورة الالتزام به، دَهَم بيروت في اليومين الأخيريْن ملفان من خارج «جدول الأعمال» المالي - الاقتصادي:
* الأوّل ملابسات عودة مسؤول معتقل الخيام إبان الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان عامر الفاخوري إلى بيروت ثم توقيفه بعد ضغط إعلامي وشعبي وإدعاء النيابة العامة العسكرية عليه بجرم «التعامل مع العدو الاسرائيلي والتسبّب بتعذيب وقتل لبنانيين وحيازة هوية إسرائيلية ودخول الاراضي المحتلة».
وإذا كان الفاخوري حُكم عليه العام 1998 غيابياً وبات يستفيد منذ 2018 من عامل مرور الزمن، فإنّ شطْب اسمه من «البرقية 303» (تضم أسماء مطلوبين خطيرين في مجالي العمالة لاسرائيل والتعامل مع الإرهاب) وملامح وجود «ترتيبات» ساهمت في عودته عبر مطار بيروت مستخدماً جواز سفره الأميركي، فتح الشهية على أسئلة حول الجهة التي سهّلت طريق عودته.
ولم تتأخّر إشارات «الاستغلال السياسي» لهذه القضية عبر تصويب اعتُبر «غير بريء» على قائد الجيش العماد جوزف عون تجلى في تسريبٍ متعمّد لصورة جمعتْه بالفاخوري العام 2017 في حفل استقبال أقامتْه السفارة اللبنانية في واشنطن خلال زيارة عون للعاصمة الأميركية ومن دون أن يَعرف قائد الجيش هوية مسؤول معتقل الخيام سابقاً، وهو ما اعتُبر في إطار «تصفية حسابات» على صلة باستحقاقات مقبلة (الانتخابات الرئاسية).
* والثاني ملاحقة رئيس تحرير جريدة «نداء الوطن» الزميل بشارة شربل والمدير المسؤول فيها جورج برباري قضائياً على خلفية مانشيت بعنوان «سفراء جدد في بعبدا (القصر الجمهوري)... أهلاً بكم في جمهورية خامنئي».
وفيما يمْثل شربل وبرباري الأربعاء المقبل أمام النيابة العامة التمييزية برفقة موكّلهما النائب، الوزير السابق بطرس حرب، تتّسع حلقة التضامن وسط مَظاهر حِراك إعلامي وسياسي لرفْض مثول أي صحافي أو إعلامي إلا أمام محكمة المطبوعات.
الراي