سرحان افتتح حديقة القاضي غانم

  • شارك هذا الخبر
Sunday, September 8, 2019

افتتحت لجنة إحياء ذكرى القاضي جورج غانم "حديقة القاضي جورج غانم الثقافية"، في مسقط رأسه بسكنتا، في احتفال حضره وزير الدفاع الياس بو صعب ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وزير الثقافة الدكتور محمد داود داود ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، السيدة جويس الجميل ممثلة الرئيس أمين الجميل وحزب الكتائب اللبنانية، وزير العدل ألبرت سرحان، وزير السياحة افيديس كيدانيان، النائب ادي معلوف ممثلا رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، النائب ادي ابي اللمع ممثلا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ، الشيخ شوقي زعيتر ممثلا "حزب الله"، منفذ عام المتن في الحزب السوري القومي الاجتماعي سمعان الخراط ممثلا الحزب بالإضافة إلى عدد من الفاعليات السياسية والقضائية والديبلوماسية والفكرية والعسكرية والأمنية والروحية وآل غانم والاصدقاء وحشد من أهالي بسكنتا والجوار.

افتتاحا النشيد الوطني وتقديم للاعلامية سمر ابو خليل، ثم عرض فيلم عن المكرم، وكانت كلمة لكيدانيان قال فيها: "فوجئت عندما تلقيت اتصالا لحضور هذا الاحتفال وإلقاء كلمة لأنني لم أر ما يربط بين وزير أرمني للسياحة وقاض يشهد له كل العالم بالنزاهة والشفافية والمصداقية والتواضع. قلت ربما لأن القاضي جورج غانم يشبه لبنان، هذا البلد المميز الذي أحمل رسالته واجول في كل العالم واشدد على أهميته السياحية وعلى كل إنسان ان يزوره ويتشبع من خيراته ومن أصالته. لكن بعدما سمعت المقدمة وبعدما اطلعت على سيرة القاضي جورج غانم، أشعر بأنني مكرم اليوم على هذه المنصة وأشعر بأنني تقدمت بدرجات الى الأمام بالانسانية لإعطائي المساحة لأكون على هذه المنصة واتحدث في افتتاح حديقة القاضي جورج غانم".

وختم: "تمنياتي بأن نصبح في دولة لا يقال فيها عن اي قاض انه نزيه، لأنه من المفترض أن يكون كل القضاء نزيها، ولا يمكن اعطاء صفة النزاهة للقاضي، لأن القاضي وجد ليحكم بالعدل وبالتالي القاضي نزيه. وبما اني احمل عبءا وتكلمت عن هذا الموضوع في مجلس الوزراء وامس عند فخامة الرئيس، سأطلب من القضاء العادل في ديوان المحاسبة ان يعدل مع وزارة السياحة وينجز معاملاتها".

حمدان
وتحدث المحامي منيف حمدان عن علاقته بالمحتفى به قائلا: "كانت فرادته في القضاء من النيابة العامة في بيروت الى قضاء التحقيق العسكري فمحكمة التمييز الجزائية، علامته الفارقة ونبع المناقب الشم الماجدات المتدفق، في احلى الظروف وفي اعتى عواتيها، مواقف ومطالعات وقرارات ظنية وأحكام نهائية، كان يشارك في صياغتها ويحتكر كتابتها بخطه الرائع الشبيه بخط الخطاطين الماهرين".

وختم: "أغنى عائلته الصغرى وعائلة آل غانم في كل مكان وأغنى بلدته وزملاءه وأصدقاءه وسلطة الضمير التي استبسل في سبيلها كثيرا فاعتزت به وافردت له في سجلاتها ومدوناتها مكانا مميزا بين القضاة الخالدين في لبنان وخارجه عبر العصور والدهور".

غانم
وكانت كلمة للرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى القاضي غالب غانم عن المكرم قال فيها: "لعل من أسرار شخصيتك، بل من مزاياها، أن تكون آخيت ما بين التزامك المهني والتزامك الإنساني. كنت قاضيا للقانون عندما يدعو داعي الحق، وقاضيا للشعب عندما يدعو داعي الرفق. كنت قاضيا "رسميا" وقاضيا "شعبيا" في آن، بمعنى ان القضاء ثمن مسيرتك ورش عليها ورق الورد، والناس رأوا فيك ذلك العادل الذي لا يصدهم كلما كان للرأفة والوجدان مطرح في الأحكام".

أضاف: "تستمر المسيرة القضائية على امتداد ثلاثة عقود ونيف ملأى وبلورية ومترفعة ومترصنة وطليقة اليدين وطلاعة وذات ثمار، لا بهارج فيها ولا عدو ولا ازدهاء....تستمر المسيرة في القضاء وفي العمل العام وفي المواقف الوطنية وما من شائبة تشوب افقها او ثلج صنينها الناصع البياض او غرابيلها الضوئية او يديها الضارعتين الى الله شكرانا على الكفاف وعلى احتناب السقوط في التجارب ".

داود
بدوره قال وزير الثقافة في كلمة: "بداية اسمحوا لي وبفخر كبير ان انقل إليكم محبة وتحيات دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري وهو القيم فوق العادة على كل ما من شأنه جمع اللبنانيين وتلاقيهم، فكيف ان كانت المناسبة بهذا البهاء وهذا الجلال وهذه الابهة وهذا الرقي؟"

وقال: "بهي، دافئ للفكر والروح، أن نجتمع هذه العشية بعناية ورعاية صنين، على اسم الكلمة والعدالة وثقافة الحياة. نلتقي افتتاحا لحديقة القاضي جورج غانم، استحضارا لقامة رجل طوى عمرا على قوس العدل، لإحقاق الحق بين الناس ودفاعا عن المظلومين".

أضاف: "قرأنا، سمعنا الكثير عن نصاعة كفه والجبين، وشفافيته وسعة العلم والاطلاع، وقيل الكثير عن حماسه في العمل التنموي، رئيسا لبلدية بسكنتا، قريبا من يوميات أهل بلدته، متحسسا، متفهما ومسؤولا. حديقة القاضي جورج غانم، ليست فقط صنوبرات متخاصرة، هي حلقة استذكار لقامات أدبية-فكرية، وأسماء كبيرة من بسكنتا والمتن، بينها: ميخائيل نعيمة، عبدالله غانم، الأخطل الصغير، رشيد أيوب، توفيق يوسف عواد، وآخرين، تركوا لنا تراثا هائلا في الفكر والأدب والشعر".

وتابع: "هذه الحديقة، هي بعض من ذاكرتنا الأدبية في لبنان، ولأجيال تكبر بإرث فكري هو من ثراء لبنان الأوحد والأدوم. الكلام عن المكرم القاضي جورج غانم وعن حديقته الجامعة، هو القول في بسكنتا الرائعة، الرابضة عند جذور صنين، البلدة الطاعنة في التاريخ، حاضنة المعابد والآثار من أزمنة فينيقيا واليونان والرومان؛ وبلدة النول وشلل الحرير وجلول التوت والقراميد القديمة. ولقد قرأنا في كتاب "مواهب في كلمات"، سير قامات قدمت إبداعات نعتز بها، وترفد مساراتنا الثقافية".

وقال: "احتفال اليوم، من تنظيم "لجنة إحياء ذكرى القاضي جورج غانم"، ينسجم ويتناغم مع توجهات لامركزية العمل الثقافي، بخلق مناخات وتشجيع بيئات تنتجها الأندية والمجالس الثقافية وتجمعات المجتمع الأهلي في المناطق اللبنانية كافة وخارج إطار مركزية العاصمة، ما يسهم في تفعيل دورة ثقافية شاملة تعم الوطن بأجمعه. اننا في وزارة الثقافة، وباهتمام كبير، ندعم هذه المبادرات ونشجعها، وهذا دورنا والواجب. في جولتي الثقافية، زرت مكتبة أديبنا الكبير ميخائيل نعيمة، مع وقفة وفاء أمام الضريح في شخروبه السرمدي. أما مؤسسة عبد الله غانم الثقافية، بما ترمز وما تضم من مدونات ومحفوظات، شعرا وقصة ووثائق، هي تحية لصاحب "العندليب" الشاعر عبد الله غانم... ومن لا يعرف مطلع قصيدته: "دقت على صدري وقالتلي افتحو تاشوف قلبي انكان بعدو مطرحو"،
والتي سمعناها بصوت فيروز زمنا طويلا".

وختم: "بتقدير كبير، أحيي قامات بسكنتا الأدبية والفكرية والإنسانية، كما أثمن جهود من قام بتنظيم هذه الاحتفالية من لجنة إحياء ذكرى القاضي المكرم، عبر الزميل الدكتور عصمت غانم، والرئيس الأول غالب غانم. وفي غمرة هذه الاحتقانات وحرائق المنطقة وتوتراتها، يحضرني قول لمخائيل نعيمة: "لتقم على أكتاف دويلات الناس، دولة الإنسان".

سرحان
أما وزير العدل فقال في كلمة: "لا غرابة في ان تحتضن بسكنتا حديقة ثقافية تخليدا لذكرى احد أبنائها الميامين. فبسكنتا ذاتها هي حاضرة أدبية دوت أصوات مبدعيها في لبنان والمحيط العربي والعالم. وهي حاضرة علمية ضمت بين ظهرانيها اعدادا وفيرة من حملة الشهادات العليا في مختلف الميادين، منذ مستهل القرن العشرين وحتى هذه الغضون، حيث باتت نسبة هؤلاء، قياسا الى عدد السكان، من اعلى النسب في لبنان".

أضاف: "لبسكنتا أصول معرقة في ميدان القانون، شرحا لمصنفاته منذ العهد العثماني، وانتماء الى مهنة المحاماة منذ تأسيس نقابة المحامين في بيروت، وإسهاما بينا في التأليف والتفسير. هذا الى كوكبة من القضاة الذين بلغوا أعلى المراتب، ورفدوا القضاء بما جاد الله عليهم من مواهب، وبما تفتق عنه دأبهم واجتهادهم وشغفهم بهذه المهمة الشريفة، حارسة العدل، والمسهمة اسهاما جليلا في إعادة التوازن الى العلاقات الفردية والاجتماعية كلما عراها اعتلال او اختلال. وفي صدارة تلك الكوكبة الصديق العزيز الدكتور غالب غانم، رئيس مجلس شورى الدولة سابقا والرئيس الأول لمحكمة التمييز شرفا. وكان لي الشرف في انني عملت تحت رئاسته سحابة تسع سنوات على التمام".

وتابع: "القاضي الرئيس جورج غانم، رحمات الله عليه، هو من هذه الكوكبة. انه من جيل القضاة الذين شرفوا ولايتهم عبر مسارها الطويل الذي تخطى العقود الثلاثة. اندفاع في العمل، التزام بعليا المناقب، عطاء كثير وكلام قليل، نظافة كف، شجاعة في مواجهة الصعب والمعقد والملتبس، ومواقف لا تأخذ بالاعتبار الا ما يقتضي أخذه: معطيات القضية، ومقتضيات القانون ، وموحيات الضمير والوجدان اللذين يمارسان على القاضي رقابة ذاتية لا تعادلها أي رقابة أخرى. عرفته بحكم الزمالة، والجوار، لأن قصر العدل في بيروت ضم مجلس شورى الدولة والمحاكم العدلية ومنها محكمة التمييز التي كانت آخر محطة من محطات عمله القضائي. وعرفته، على الأخص، بحكم الصيت الحسن والعرف الطيب اللذين واكبا مهماته في القضاء الجزائي، قاضيا للتحقيق في المحكمة العسكرية، ومحاميا عاما استئنافيا في بيروت ، لأمدين طويلين. وكنت، كلما التقيته في صالة الخطى الضائعة في قصر العدل، اصادف بشاشة ولهفة في اللقاء، وشمما وهيبة في القضاء. وفوق هذه جميعا اصادف مسؤولا لا يغره اغراء ولا يزدهيه اغواء".

وقال: "يحفل تراثنا القضائي بما تصبو دول عديدة الى محاكاته. يحفل بالأحكام والمواقف الشجاعة والقامات الفارعة والأخلاقيات المشرفة. واذا ما شابت حاضرنا بعض الشوائب، المحدودة في كل حال، فما ذلك بالدال على فقدان الثقة بالقضاء، وعلى توقف مسيرة الإصلاح. من منا لا يصبو الى القضاء الأكفأ والأفعل والأعلم والأمثل؟ هذه غاية جلى وان طالت الطريق إلى بلوغها في بعض الأحيان. هذه غاية وعلينا تحقيقها بمعاضدة السلطات جميعها، على أن يضمن للقضاء استقلاله في كل الأحوال، وعلى ان توفر له كل الظروف التي تعزز هذا الاستقلال: في التشريع وفي التنفيذ، في الوجه المعنوي والوجه المادي، في رحاب الدولة وفي رحاب المجتمع".

وختم سرحان: "طوبى لمن بادر الى إقامة هذه الحديقة الثقافية، جاعلا اسم القضاء يقترن باسم الثقافة ، وهو ما يلقي على القضاء عبئا جميلا، بل عباءة جميلة، ويزيده تألقا، وجاعلا حضور القاضي جورج غانم مجذرا في أرضه الأم كما تحذر في عقول اللبنانيين وأفئدتهم. وطيب الله ثرى من تقام هذه الحديقة تخليدا لذكراه. انه لمن المستحقين".

كلمة العائلة
وفي الختام تحدث ابن شقيقة المحتفى به الدكتور عصمت غانم باسم العائلة، فرحب بالحضور شاكرا كل من ساهم في إنجاح هذه الحديقة. وقال: "إنها مبادرة بيئية ثقافية بامتياز وسميت ب"حديقة القاضي جورج غانم" لأن انشاءها تزامن مع وفاته ولأنها كانت حلما من أحلامه لذلك هي هدية رمزية تخليدا لروحه وهي تشبهه وتشبه شخصيته من خلال بساطتها وطابعها الثقافي".

أضاف: "مساحة الحديقة 7000 متر مربع غرست فيها 300 شجرة من الصنوبر مع الإبقاء على بساطة الطبيعة والممرات الترابية فيها وهي تقع على "درب الأدباء" في بسكنتا، وعلى خريطة "درب الجبل اللبناني" وتتضمن 19 مقعدا ثقافيا يحمل كل منها اسم أديب او فنان او مبدع من بسكنتا والمتن مع نبذة عن حياته واعماله أمثال ميخائيل نعيمة ورشيد أيوب وعبدالله غانم والاخطل الصغير وأمين معلوف وتوفيق يوسف عواد وغيرهم، على ان يخصص في الحديقة مزيد من المقاعد في المستقبل لأدباء ومفكرين آخرين من بسكنتا والمتن".

واكد ان "الحديقة ستستضيف سنويا نشاطات ثقافية وادبية وندوات ومشاغل معارض، تحقيقا للهدف الذي أنشئت من أجله".

النصب التذكاري
بعد ذلك ازاح ممثلو الرؤساء والاحزاب الستارة عن النصب التذكاري للقاضي غانم الذي نحته الفنان جان ارويان، ثم جالوا مع الحضور في أرجاء الحديقة.