لم يكن الحكم الأمريكي على اللبناني المنتمي لحزب الله قاسم تاج الدين إلا واحداً من سلسلة متابعات للعاملين مالياً مع الحزب، جهود قامت بها واشنطن لملاحقة شبكات عديدة بهدف وقف أنشطة حزب الله ومصادر تمويله.
المحكمة الفيدرالية الأمريكية أصدرت قراراً بسجن تاج الدين، خمس سنوات وتغريمه 50 مليون دولار، بعد إقراره في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بالذنب بتهمة الالتفاف على عقوبات تمنعه من التعامل مع شركات أمريكية.
وألقي القبض على تاج الدين في مدينة الدار البيضاء المغربية في 2017 بناء على طلب من السلطات الأمريكية، في عملية غريبة فعلياً، فالرجل الذي يملك شركات ضخمة كان يمكنه شراء أو استئجار طائرة خاصة، ولكنه فضل أن يمر عبر مطار الدار البيضاء في المغرب حيث أوقف وسلم لواشنطن.
المليونير قاسم تاج الدين، يدير شبكة من الشركات في لبنان وإفريقيا، صنفتها وزارة الخزانة الأمريكية بأنها داعم مالي مهم لمنظمة حزب الله.
ثروة حزب الله مداخيل حزب الله المالية سنوياً كبيرة جداً وقدرتها وزارة الخارجية الأمريكية بنحو مليار دولار سنوياً، عبر دعم مباشر تقدمه طهران، وكذلك المبادلات والاستثمارات الدولية، وعبر شبكة من المناصرين ونشاطات تبييض أموال وتهريب المخدرات.
وتضم القائمة الأمريكية لمطلوبي حزب الله قيادات بينهم ثلاثة رصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية قدرها خمسة ملايين دولار لكل من يدلي بمعلومات عنهم، وهم صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وأحد مؤسسي كتائب القسام، الجناح العسكري التابع للحركة. وهو مسؤول عن توجيه عمليات حركة حماس في الضفة الغربية وتمويلها وارتبط بالعديد من الهجمات وعمليات الاختطاف وفقا لواشنطن.
كذلك هيثم علي طبطبائي، القائد العسكري البارز في حروب اليمن وسوريا. ومعهم خليل يوسف حرب، المستشار المقرب من السيد حسن نصر الله، وتتهمه الخارجية الأمريكية بشغل منصب المنسق العسكري الرئيسي لمنظمات إيرانية وفلسطينية، وأشرف على عدة عمليات عسكرية في الأراضي الفلسطينية والشرق الأوسط.
خلال العام الماضي، اعتقلت السلطات الأمريكية، كلاً من المدعو علي كوراني في نيويورك وسامر الدبيك في ميشغان، بتهم الانتماء لحزب الله والتآمر للقيام بأنشطة إرهابية.
ويواجه كوراني ودبيك تهما خطيرة من بينها تلقي تدريب عسكري على الأسلحة، مثل طائرات مسيرة من دون طيار وقاذفات قنابل صاروخية ومدافع رشاشة.
المدعو كوراني راقب أهدافا في أمريكا، بما في ذلك مرافق عسكرية ومدنية في نيويورك، حسب المسوؤلين. ويتهم الدبيك بالعمل في مهمات في بنما لتحديد موقع السفارتين الأمريكية والإسرائيلية وتقييم نقاط ضعف قناة بنما والسفن التي تمر عبرها.
وكانت محكمة فيدرالية في مانهاتن في مايو (أيار) الماضي، أدانت كوراني، بالانتماء إلى حزب الله والمساهمة في خطط لشن هجمات لصالحه.
وزارة الخزانة ركزت في عملها على قيادات وداعمين للحزب بينهم ثلاثة أفراد تعتبرهم الأذرع الرئيسية لتمويل الحزب، وتضعهم جميعا على اللائحة السوداء الأمريكية "للإرهابيين الدوليين"، وفق بيان للخارجية الأمريكية، وهم:
أدهم طباجة، عضو في حزب الله ويدير أعمالا بالإنابة عنه في بعض دول الشرق الأوسط وغرب أفريقيا. وأبرزها بملايين الدولارات في العرق حيث يمنع اليوم من الوصول إليها، وهو مدرج في قائمة العقوبات الأميركية منذ يونيو 2015، لكونه يعمل لصالح حزب الله، وعلى علاقة بكبار مسؤوليه. ويملك في دول عدة مدنا للألعاب.
كذلك المدعو محمد بزي، ويعتبر من أبرز الداعمين الماليين الرئيسيين لحزب الله. وهو متهم بتقديم ملايين الدولارات من أعمال ونشاطات تجارية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. علي شرارة، ممول وعضو في حزب الله، وله شركة استثمارية يستخدمها كواجهة لتمويل حزب الله. ومنها شراكته في مؤسسة تنشئ شركات هاتف نقال في إفريقيا. يليه سلمان رؤوف سلمان، القيادي المولود في مدينة سان أندرس في كولومبيا عام 1965. يحمل الجنسيتين اللبنانية والكولومبية، ويعتقد أنه موجود حاليا في لبنان. وفي يوليو الماضي وضعت واشنطن سلمان، على قوائم الإرهاب لصلته أيضاً بحادثة تفجير المركز اليهودي في بوينس آيرس عام 1994.
وحينها قال مساعد وزير الخزانة الأمريكي سيغال ماندلكر "نستهدف سلمان رؤوف سلمان الذي نسق هجوماً مدمراً في بوينس آيرس، ضد أكبر مركز يهودي في أمريكا الجنوبية قبل 25 عاماً".
سلسلة متابعات لشبكات حزب الله المالية كشفت الكثير، ولكنها احتاجت الكثير من الوقت لترصد الشبكات الحقيقية من الشبكات الوهمية وكذلك من الأبرياء الذين لا علاقة لهم بالتهريب وعمليات التبييض.