بين فترة وأخرى تقوم احدى الاقلام من الذين لم يفهموا المراحل التاريخية السابقة بكتابة وقائع لم تحصل واختراع تحليلات غير واقعية وبشكل عام تشويه تاريخ لبنان من ناحية وتشويه بعض رجالاته على الصعيد السياسي والفكري من ناحية اخرى. يطلع علينا السيد ريمون هنود بمقال في جريدة اللواء في ١ آب ٢٠١٩ يتكلم به عن من يدعم الفيدرالية في لبنان ومن لا يدعمها. ولاسباب سياسية تتعلق مع التيار الوطني الحر الذي يرأسه الوزير جبران باسيل وربما اسباب عقائدية اخرى تتعلق بارتباط هذا الشخص ريمون هنود بتيارات مناهضة للتعددية والفيدرالية والهوية القومية اللبنانية قام السيد ريمون هنود بتشويه وقائع عن شخصية ذو جزور لبنانية ، تلعب اليوم دورا مهما في الولايات المتحدة الاميركية وهو الدكتور وليد فارس. والسيد ريمون هنود يستفيد من عدم وجود الدكتور فارس في وطنه الام ليكتب ما يشاء ويقول ما يشاء ولكن كل ما يكتب ويقول هو هذيان لا علاقة له في الواقع كما كان في الثمانينات. يكتب ريمون هنود بأن الدكتور فارس هو مستشار حالي للرئيس ترامب اما في الحقيقة فالدكتور فارس فكان مستشارا للعلاقات الخارجية للرئيس ترامب خلال الحملة الانتخابية وهو اليوم خبير شبكة فوكس نيوز للشرق الاوسط والامن القومي ومستشارا لعدد من اعضاء الكونغرس الاميركي فاقتضى التصحيح اولا. ثانيا، زعم هنود ان فارس والسيد روجيه عزام قد كتبوا او اعدوا دراسة ( حول امكانية انجاح المشروع الفيدرالي في لبنان).اما وفق معلوماتنا الدقيقة وعلى ذمة عزام وفارس فهما لم يكتبا او لم يضعا اي دراسة مشتركة بينهما . للدكتور فارس كتب عديدة اهمها الكتاب التأسيسي لفكر التعددية في لبنان وقد صدر عن جامعة الروح القدس في الكسليك في العام ١٩٧٩ وهو من اكثر الكتب التي قرأت في لبنان وقتها. والدكتور فارس كان من بين المثقفين اللبنانيين على رغم صغر عمره وقتها الذين طرحوا النظام الفيدرالي كحل للصراع في لبنان وكان هو من بين مفكرين كالمحامي موسى برنس وانطوان نجم وسليم عبو . والفيدرالية التي طرحها الدكتور فارس طرحها كحل لمجتمع متعدد اساسا وبالتالي ما لم يكن هنالك اعتراف متبادل بين اللبنانيين بهذا الواقع فلا معنى للفدرالية بحسب ظنه. يزعم هنود ايضا ان فارس كان مستشارا للدكتور سمير جعجع . هذا غير صحيح فالمستشار الرسمي الوحيد خلال الثمانينات كان الدكتور توفيق الهندي . اما الدكتور فارس فكان محاميا ويرأس حزب سياسي ديموقراطي اجتماعي صغير وكان يمثل هذا الحزب في قيادة القوات اللبنانية. وقد تسلم فارس مسؤولية العلاقات الخارجية لعامي ١٩٨٦ و١٩٨٧. وبعد ذلك مسؤولية الاغتراب اللبناني حتى العام ١٩٨٨. واستقال من قيادة القوات اللبنانية في العام ١٩٨٩. المحامي وليد فارس في العام ١٩٨٩ دعم رئاسة الحكومة للعماد ميشال عون ليس بسبب "كرهه او عدم كرهه" لاتفاق الطائف،بل لانه كان يعارض اتفاق الطائف لسببين : ١) الاعترف بالاحتلال العسكري السوري للبنان. ٢) الطائف لم يعترف بالتعددية في لبنان ولم ينص على الفيدرالية. المسألة ليست كره او عدم كره كما يزعم عدد من المعلقين في لبنان. المسألة هي خيارات سياسية، وبالتالي وقف فارس بشكل منطقي الى جانب الحكومة التي كانت تعارض اتفاق الطائف. زعم هنود ان فارس كان "يؤمن بفكرة قيام وطن قومي مسيحي منفصل عن المسلمين" . وهذا ايضا زعم غير صحيح، فوليد فارس كان يقرأ التاريخ وقد ركّز في كتابه على مراحل تاريخية شهدت قيام وطن للمسيحيين ومنهم مرحلة المردة الجراجمة في جبال لبنان على مدة سبعة قرون. هذه بحث تاريخي لمؤرخين ويمكن مناقشهتها تاريخيا. اما ان ينسب الى فارس انه كان يدعو لوطن قومي مسيحي فهذا زعم خاطئ اذ انه كان محاميا دقيقا في عباراته ودعا لقيام نظام كونفدرالي، وضمن هذا النظام الكونفدرالي كل المجموعات اللبنانية من سنية وشيعية ودرزية ومسيحية يكون لها حق اداري ضمن دولة مركزية. وهو يؤمن بالعلمانية وكان وقتها يطرح الديموقراطية الاشتراكية كبرنامج حكم. اما خرافة هنود الاكثر سخافة فهي نسب فكرة وطن قومي مسيحي في كتاب فارس ذو العنوان "الفكر المسيحي اللبناني الديموقراطي في وجه التعريب والتذويب" . اما في محتوى هذا الكتاب، فركّز على ضرورة الاعتراف المتبادل بين المسلمين والمسيحيين وبين الثقافات التي اختاروها من اجل قيام نظام كونفدرالي . السيد هنود يخلط الحابل بالنابل ، وانا متأكد بأنه لم يقراء الكتاب اصلا. ان تشويه التاريخ ليس فقط عملا قام به هنود ولكن عدد لا بأس به من الاقلام التابعة للتيارات المتطرفة منها من يتبع النظام في ايران ومنها من يتبع مجموعات الاخوان او اليسار الراديكالي الذي يستمر في افكاره السورالية . اردت ان اوضح هذه المغالطات التي اتت في هذا المقال لكي اصحح وقائع تاريخية. وحسب ما اعرفه فان الدكتور فارس سوف يسرد سيرته الذاتية عندما كان شابا في لبنان وله من الكتب في العربية والفرنسية والانكليزية ما يكفي لشرح فكره عندما كان يعمل في الحقل العام في وطنه الام. اما اليوم كما يعلم الجميع فهو ينشط في المجالات الدولية،وهو من ابرز المفكرين الاستراتيجيين في الولايات المتحدة الاميركية.