تراجع متواصل في أداء المصارف للمرة الأولى منذ عقدين

  • شارك هذا الخبر
Monday, August 5, 2019

تظهر المؤشرات الأساسية للجهاز المصرفي اللبناني المزيد من الانكماش السلبي، خصوصاً في مجال التمويل لصالح القطاع الخاص. حيث انحدرت التسليفات الإجمالية بنسبة تقارب 6 في المائة سنوياً، من دون احتساب أثر الفوائد المقبوضة على المحفظة الائتمانية، لتصل إلى 56 مليار دولار. كما تدحرجت الأرباح بنسبة ناهزت 7 في المائة وفقاً للبيانات المجمعة حتى منتصف العام الحالي.
وباستثناء النمو الطفيف في بندي الأصول والرساميل الإجمالية - ربطاً بمردود عمليات الهندسة المالية التي يجريها البنك المركزي بهدف حفظ الاستقرار النقدي وتلبية الاحتياجات المالية للدولة - تعاني المصارف من صعوبات متزايدة في حماية تدفق الموارد المالية. وتم تسجيل تراجع بنسبة واحد في المائة كحصيلة مجمعة في بند الودائع الإجمالية خلال النصف الأول للعام الحالي.
وهذه النتيجة تُصنف بـ«النظرية»، كونها لا تشمل أثر المدفوعة على التوظيفات، التي سجلت قفزات متتالية بالليرة وبالدولار الأميركي. وقد وصل إجمالي الودائع إلى نحو 177 مليار دولار، منها نحو 135 مليار دولار للزبائن المقيمين في البلاد.
وتبياناً للأثر غير المحتسَب في بندي التمويل والموارد المالية، تظهر إحصاءات مصرف لبنان، ارتفاع متوسّط الفائدة على الودائع المحررة بالليرة اللبنانية إلى 8.8 في المائة حتى منتصف العام الحالي، مقابل نسبة 6.72 في المائة في نهاية الفترة ذاتها من العام الماضي. كذلك زاد متوسّط الفائدة على الودائع بالدولار الأميركي إلى 5.84 في المائة، من 4.09 في المائة في فترة المقارنة ذاتها.
وتطوَّر متوسّط الفائدة على التسليفات بالليرة اللبنانيّة إلى 10.94 في المائة، ووصل متوسّط الفائدة على التسليفات بالدولار الأميركي إلى 9.49 في المائة.
ويستقطب «مصرف لبنان المركزي» معظم التوظيفات المالية للمصارف، عبر عمليات خاصة بمردود مرتفع تستهدف تغذية احتياط العملات الصعبة، التي عاودت الارتفاع في الشهر الماضي لتصل إلى نحو 37 مليار دولار، يُضاف إليها احتياطات ذهب تبلغ قيمتها الجارية نحو 13.2 مليار دولار (كما هي في نهاية شهر يوليو (تموز). وهذا ما يؤثر حكماً في انكماش التسليف الموجه للقطاع الخاص المحلي، وبالأخص لجهة عجز الأفراد والمؤسسات عن تكبد فوائد توازي العوائد التي يمنحها «المركزي».
ومن المثير أنه للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين، تشهد المصارف هذا المنحى من التراجع التواصلي في الأداء. بخلاف محطات سابقة تعرضت فيها لاختبارات طارئة مؤثرة، ما تلبث أن تتجاوزها وتعود لتعظيم النمو بعد فترة قصيرة. وذلك على غرار الضغوط العاتية التي نتجت عن حادث اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري في فبراير (شباط) 2005. والعدوان الإسرائيلي التدميري في يوليو 2006، فضلاً عن تكرار فترات الفراغات في المواقع الرئاسية والحكومية، وازدياد حدة التشنجات الداخلية.
وبحسب البيانات التفصيلية المتاحة للمستثمرين، سجلت الأرباح المجمَّعة للمصارف اللبنانيّة الستّة المدرجة أسهمها على «بورصة بيروت»، وبينها أربعة من الأكبر حجماً، انخفاضاً بنسبة 6.74 في المائة على صعيدٍ سنويّ، إلى 636.34 مليون دولار خلال النصف الأوَّل من العام الحالي، مقارنة بنحو 682.37 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام السابق. وذلك بفعل تراجع صافي الإيرادات من الفوائد بنسبة 8.42 في المائة سنويّاً، توازياً مع انكماش صافي الإيرادات من العمولات بنسبة 5.50 في المائة. كما تدنى صافي أرباح محفظة الأدوات الماليّة والإيرادات التشغيليّة الأُخرى بنسبة 5.30 في المائة.
في الترتيب الكمي، استحوذ «بنك عودة» على حصّة 39.34 في المائة من الأرباح الصافية المجمَّعة للمصارف الستّة. وتبعه «بنك لبنان والمهجر» بحصة 37.51 في المائة، ثم «بنك بيروت» بحصة 10.35 في المائة، وحل بنك «بيبلوس» رابعاً بنسبة 9.41 في المائة... وتقارب البنك اللبناني للتجارة بنسبة 1.96 في المائة، مع بنك «بيمو» بنسبة 1.41 في المائة رغم الفارق الصريح بين حجم البنكين.
وارتفع مجموع أصول المصارف الستّة بنسبة 1.8 في المائة خلال النصف الأوّل من العام الحالي إلى 136.16 مليار دولار، مقابِل 133.76 مليار دولار في نهاية عام 2018. وبالترتيب بلغت حصّة «بنك عودة» 34.89 في المائة، و«بنك لبنان والمهجر» 28.3 في المائة، وبنك «بيبلوس» 18.84 في المائة، و«بنك بيروت» 12.81 في المائة، و«البنك اللبناني للتجارة» 3.66 في المائة، ثم «بنك بيمو» 1.50 في المائة. ويأتي الارتفاع في مجموع أصول المصارف المدرجة، وفقاً لتحليل أوردته النشرة الدورية لمجموعة «الاعتماد اللبناني»، بالأخصّ في ظلّ زيادة رصيد الصندوق والتوظيفات لدى البنوك المركزيّة بنسبة 10.83 في المائة على صعيد نصف سنويّ، إلى 61.85 مليار دولار.
وشهدت محفظة التسليفات الصافية المجمَّعة لهذه المصارف تراجعاً بنسبة 7.83 في المائة حتّى شهر يونيو (حزيران) الماضي، لتصل إلى 31.48 مليار دولار. وقد سجل بنك بيروت الانكماش الأكبر في هذا المجال بنسبة 9.62 في المائة، تبعه «بنك عودة» (تراجع بنسبة 8.69 في المائة)، ثم «بنك لبنان والمهجر» (تراجع بنسبة 7.07 في المائة)، و«بنك بيمو» (تراجع بنسبة 6.85 في المائة)، و«بنك بيبلوس» (تراجع بنسبة 5.68 في المائة)، و«البنك اللبناني للتجارة» (تراجع بنسبة 5.17 في المائة).
ومع هذه النتائج، انخفضت نسبة التسليفات الصافية من ودائع الزبائن لدى المصارف الستّة إلى 32.79 في المائة، مقابِل 35.59 في المائة في نهاية العام 2018. وقد تصدَّر بنك بيمو لائحة المصارف الستّة لجهة معدّل التسليفات من ودائع الزبائن بحيث بلغ 55.07 في المائة، مقابِل 23.92 في المائة لـ«بنك لبنان والمهجر»، وهو المعدّل الأكثر تحفّظاً.
أمّا لجهة رسملة المصارف، فقد تراجعت الأموال الخاصّة المجمّعة للمصارف الستّة المدرجة أسهمها على بورصة بيروت بنسبة 1.66 في المائة خلال الفترة المعنيّة، إلى نحو 11.43 مليار دولار.


علي زين الدين- الشرق الأوسط