د. إيلي جرجي الياس- دونالد ترامب: مزيج من السياسي ورجل الأعمال المزاجي

  • شارك هذا الخبر
Monday, June 24, 2019

د. إيلي جرجي الياس، أستاذ جامعي وباحث استراتيجي
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، علامة فارقة في تاريخ الرئاسة والسياسة في الولايات المتحدة الأميركية، رجل المال والأعمال بامتياز، الباحث النهم عن الأضواء ليظل حديث الإعلام دائما، السياسي المزاجي الذي ينام على قرار ويصحو على آخر، الحالم منذ الصبا أن يكون مالئ الدنيا وشاغل الناس، وحديث النساء والمعجبات الفاتنات، وحتى ولو اقترن بسيدة جميلة. في حركاته وتحركاته ما يضيء على غرابة شخصيته وغموض خياراته، وهو القادر أن يقنع الناس بخيار ذات يوم وبآخر معاكس له في اليوم الذي يليه. ويخشى أن يصبح توجهه الرئاسي منهجا خطيرا يعتمده رؤساء أميركيون مستقبليون !! غريب، عجيب، رهيب، دونالد ترامب !!
وإذا كان ثمة من يخشى إن تندلع حرب محلية أو إقليمية أو عالمية زمن ترامب، فليهدأ باله قليلا، فترامب ليس رجل الحرب، وليس المتحصن بالقيم والمبادئ، أو الباحث عن حلول استراتيجية لمعضلات سياسية وعسكرية، معقدة تاريخيا. جل ما في الأمر، إن محور تفكير الرئيس ترامب، هو نفسه ما كان يشغل بال ترامب رجل الأعمال الناجح والمميز : الإقتصاد والاقتصاد أولا وأخيرا !! وهو يتصرف كرئيس، كما تصرف في إدارة شركاته، عبر البحث عن صفقات اقتصادية وتجارية ناجحة، تنعش اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية، خصوصا بعد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العالمية العنيفة، وما هم ترامب من اقتصاد سائر البلدان وخصوصا دول العالم الثالث، فلا يطمح هو أن يكون مخلص البشرية ومنقذ الإنسانية، بل مجرد معيد الولايات المتحدة إلى زمن البحبوحة الاقتصادية، بل أن يذكر دائما تاجرا عالميا متفوقا، ولو أدى ذلك إلى ذكره رئيسا اقتصاديا أميركيا ناجحا !!
موقف الرئيس دونالد ترامب، من أزمة العلاقة السياسية والعسكرية مع إيران، هو نفس موقفه من أزمة العلاقة مع كوريا الشمالية سابقا، ومن أزمة العلاقة الاقتصادية مع الجبار الصيني، كما من سائر الأزمات، همه الأساسي ابتزاز الجميع، ليحصل على نصر اقتصادي عبارة عن صفقات مفيدة ولو متواضعة، من الدولة التي يواجهها، أو من حلفاء هذه الدولة، أو من خصومها الذين هم حلفاء مفترضون له، ولا هم عنده حينذاك. وفي النهاية بعد سلسلة من عمليات التفاوض والتواصل والابتزاز، هو الصديق والخصم في آن، وخلاصة الأمر أننا أمام رئيس أميركي من طراز جديد، لا صديق دائم له ولا عدو دائم، بل مجموعة من المصالح المترابطة والمعقدة. رجل المصالح الشخصية والعامة، بامتياز !!
وتأتي صفقة القرن لتؤكد توجهات ترامب، صفقة ولدت ميتة استراتيجيا ولا أفق لها سياسيا، وما هم ترامب أن لا يذكرها أحد بعد نهاية ولايته أو ولايتيه، أو أن يكون لها تداعيات أمنية خطيرة مستقبلا، فكل ما يبتغيه الرئيس ترامب منها أن تخدم مصالحه المالية والاقتصادية، ولعلها على هذا الصعيد يعتبرها ترامب أنجح صفقاته، فهو يحاول جاهدا زج معظم الأطراف فيها، محاولا الحصول على المال والصفقات التجارية من الجميع، خصوصا من دول الخليج. لم يكن أباء الولايات المتحدة الأميركية المؤسسون، ولو في أسوأ أحلامهم، أن يتوقعوا لرئاسة الدولة الأميركية، رجل أعمال مزاجيا، لا حدود لأوهامه ولأحلامه ولمزاجه، كدونالد ترامب !!