هل يُطيح "الدستوري" بالخريطة الحكومية المسيحية أو يعقّدها؟

  • شارك هذا الخبر
Monday, June 10, 2019

على وقع توسيع رقعة السجالات منذ ثلاثة أيام، بين فريقََي رئيس الحكومة سعد الحريري من جهة، ورئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط من جهة أخرى، قبل إعادة احتوائها، تعود نغمة المخاوف لدى بعض الأطراف الداخلية من الإتفاقات الثنائية والثلاثية التي تُدير البلاد، وهو ما يُعتَبَر أنه استفراد بالعمل الوطني وجعله مرهوناً بطرفَيْن، أو ثلاثة في أحسن الأحوال.

وبمعزل عن النيران التي أُخمِدَت بين "الإشتراكي" و"المستقبل"، وبعيداً من إمكانية تجدّدها أو عدم استنهاضها بعد مدّة، يشكّل ملف التعيينات و"المجلس الدّستوري الجديد" مادّة للقلق والرَّيْبة بالنسبة الى "القوات اللبنانية"، التي يبدو أن جبهاتها مع "الوطني الحر" مجمّدَة حتى إشعار آخر. ولكن الى متى؟

التّنافُس "العوني" - "القواتي" بات يطال التحرّك باتّجاه المغتربين والمنتشرين اللبنانيين حول العالم، إذ إن وزير الخارجية جبران باسيل لم يَعُد وحده يتحدّث عن شؤونهم وشجونهم، ولا سيّما ما يتعلّق منها بضرورة استعادة الجنسية، بل إن بعض نواب تكتل "الجمهورية القوية" باتوا يتكلّمون اللّغة نفسها خلال جولاتهم الخارجية، بعدما كانت في فترات سابقة، ورغم فشل "أوعا خيّك"، متروكة للطرف المسيحي "البرتقالي".

فهل يتطوّر الجمر الكامن تحت الرماد، والذي لا يُزال الرماد عنه إلا عند الحاجة، الى مساس قوّاتي بالتوازُن المسيحي في حكومة "العهد الأولى"؟ الجميع يعلم ربما أن لا "التيار الوطني"، ولا حتى الوزير باسيل، "مشردقين" للحفاظ على أي تحالف (ما عدا تحالفهما مع "حزب الله")، وهما لا يتعاملان مع أي طرف على أساس أنه أحد الحلفاء الأساسيين لهما، إذ يعتبران (التيار الوطني وباسيل) أنهما الطرف اللبناني الأقوى الذي لا يحتاج الى أحد. ولكن ماذا لو اختارَت "القوات" فعلياً الإحتجاج بسلوك حكومي على محاولات تهميشها في التعيينات، في لحظة قاتلة؟

فكلام الوزير باسيل الإيجابي تجاه "الكتائب" لم يَنَلْ ردّة الفعل الكتائبية الإيجابية المطلوبة. وبالتالي، فإن أي مساس بالمقاعد القواتية الحكومية من قِبَل "القوات" نفسها، سيجعل فريق "العهد القوي" الأقوى مسيحياً في الحكومة، وهذا صحيح، ولكن سيتعيّن على هذا الفريق نفسه أن يؤمّن توزير مسيحيين للمقاعد "القواتية" الشاغرة، وهو ما لن تؤمّن "الكتائب" شرعيّة مسيحية وازنة وبديلة له، إلا ضمن ثوابت مؤلمة للـ "التيار"، ولن يكون جاهزاً لتقديم ضمانات للصيفي حولها. والخيارات "البرتقالية" في تلك الحالة ستكون إما محاولة إيجاد شخصيات مسيحية تقبل بالتوزير، دون أن يكون لديها حيثية مسيحية شعبية، أو الذهاب في اتّجاه توزير من هم من ضمن فريق "التيار الوطني الحر"، حتى ولو لم يكونوا من الحزبيين الملتزمين بالضرورة. وفي الحالتَيْن، تكون حكومة "العهد القوي" فقدت توازنها المسيحي المرتبط بالأبعاد الشعبية، وستُكمل مسيحياً في تلك الحالة بالمتوفّر والممكن!!!...



موزّعة

لفتت مصادر سياسية بارزة الى أن "المجلس الدستوري أصبح على قاب قوسين أو أدنى من التشكيل، الذي يتمّ مبدئياً بانتخاب 5 أعضاء في مجلس النواب، على أن يلي ذلك تعيين 5 أعضاء آخرين في مجلس الوزراء".

وأشارت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "الحصة المسيحية يُفترض من الناحية المبدئية أن تكون موزّعة على القوى السياسية، ولا يُمكن لأي فريق أن يستأثر بكافة المواقع والمناصب، لا سيما أن هناك شركاء في الوطن وفي القرار المسيحي، وخصوصاً "التيار الوطني" و"القوات اللبنانية" كقوّتَيْن أساسيّتَيْن، وهو ما يستوجب تمثيلهما قبل أي اعتبار آخر".



طنوس مشلب

وشرحت المصادر:"يُفتَرَض أن تتمثّل "القوات اللبنانية" بالمقاعد التي يجب أن تختار منها. وبالتالي، ضمن إطار قراءة الترشيحات الموجودة، يتبيّن أن ترشيحات الموارنة تضمّ أكثر من 17 مرشحاً مارونياً، وباستطاعة "القوات" أن تختار أحد هذه المقاعد. أما في ما يتعلّق بالكاثوليك، عددهم محصور ضمن إطار 4 مرشّحين على مقعد واحد. أما الأرثوذكس فنجد 3 مرشحين لمقعدَيْن. وبالتالي، لا يمكن الذهاب في الطلب من "القوات اللبنانية" بأن تختار أرثوذكسياً وسط أن المرشحين الثلاثة لتلك الطائفة يتبعون "التيار الوطني الحر"، أو أن تختار (القوات) كاثوليكياً فيما المرشحين كافّة لتلك الطائفة يتبعون "التيار" مبدئياً".

وأضافت:"من أجل أن يُصار الى تمثيل صحيح، يجب أن يكون هناك مروحة من الإختيارات المفتوحة أمام "القوات اللبنانية". وبالتالي، يقتضي أن يكون المقعد الماروني الثاني من حصتها (القوات) لِكَوْن باستطاعتها الإختيار بين 17 مرشحاً من كلّ الإنتماءات في هذا الإطار. وهنا نتحدّث عن المقعد الماروني الثاني لأن المقعد الماروني الأول هو من حصة رئيس الجمهورية، ويتعلّق بمقعد رئيس "المجلس الدستوري"، ويُرجَّح أن يكون القاضي طنوس مشلب".

وتابعت:"أما أن يُصار الى الطلب من "القوات" بتسمية كاثوليكي أو أرثوذكسي، فهذا إجحاف بحقها، لأن ليس هناك من خيارات أمامها في تلك الحالة. أما إذا أُلزِمَت بين كاثوليكي وأرثوذكسي، فمن الأفضل لها في تلك الحالة أن تعتكف، وأن لا تلجأ الى أي تسمية، وأن تكون خارج المجلس (الدستوري)، لكي لا يُقال إنها سمّت من يكون في الواقع تابعاً للـ "التيار الوطني الحر".



14 آذار...

ورداً على سؤال حول تعقيدات المشهد الحكومي مسيحياً، إذا لم يُختَتم مشهد "الدستوري" على خير، أجابت المصادر:"ضمن إطار الخريطة الحكومية المسيحية، نجد أنه من 15 مقعداً مسيحياً داخل الحكومة، للـ "القوات اللبنانية" 4 مقاعد. وبالتالي، على سبيل القياس، يجب أن تحصل "القوات" على مرشّحَيْن في "المجلس الدستوري"، وليس على مرشح واحد. ولذلك، فإن ما يمكنه أن ينسف التوافق الحكومي، هو محاولة استئثار أحد الأفرقاء بالحصص كافة، وتحديداً محاولة استئثار "التيار الوطني" بكافة مقاعد "المجلس" المسيحية.

وختمت:"هذا الأمر سيؤثر حكماً على الأداء الحكومي، وسيُشعِر فريقاً، له شريحة واسعة، بالغبن السياسي. وحتى إن هذا الأمر سيؤثر أيضاً على الشريحة الكبرى، التابعة لقوى 14 آذار، والتي تعتبر أن من حقها أن تتمثل في "المجلس الدستوري"، إن لم نَقُل بالمساواة مع "التيار الوطني"، فأقلّه ضمن مقعد أو مقعدَيْن كحدّ أقصى، على صعيد تشكيلة "المجلس".

وكالة اخبار اليوم