لوفيغارو- لم يعد ينفع شيء بين تركيا والغرب

  • شارك هذا الخبر
Friday, May 31, 2019

في الوقت الذي أصبحت قوة رجب طيب أردوغان أكثر تطرّفاً، تتسِع الفجوة بين تركيا وشركائها الغربيين. والعلاقات لم تكن أبداً بعيدة الى هذا الحد مع الإتحاد الأوروبي، وإشكالية داخل الناتو. أمّا بالنسبة إلى العلاقة مع فرنسا فهي أيضاً تتلاشى.

بصفتها ثاني أكبر جيش من حيث العدد، والبلد الإسلامي الوحيد في الناتو، أصبحت تركيا أيضاً واحدة من المشاكل الرئيسية للحلف الأطلسي، على الرغم من أنها تتجنّب عموماً نشر الخلافات، التي تعتبر أساسية، في العلن. وقد تدهورت العلاقات بعد محاولة الإنقلاب ضد أردوغان في تموز 2016 والتطهير الهائل الذي تَبع ذلك، بما في ذلك في المؤسسة العسكرية. وكان العديد من مراسلي التحالف ضحايا. ويعتبر السياسيون الأتراك أنّ التحالف والولايات المتحدة، ورَفْض الأخيرة تسليم الخصم فتح الله غولن، المتّهم بالتحريض على محاولة الإنقلاب، كانا شريكين في الإنقلاب الفاشل.

«عضو مارق في الناتو»
لكنّ شراء أنقرة لنظام دفاع صاروخي روسي يمكن أن يشعل الرماد. إنّ نظام أس 400 سيسلّم هذا العام إلى عمود من الحلف الأطلسي من بلد يعتبر «الناتو» عدوّه الرئيسي... وقد خلق هذا الموضوع توترات خطيرة خلال الذكرى السنوية الـ 70 للحلف الشهر الماضي. بالنسبة للولايات المتحدة، هذا الإستحواذ يتعارض مع أمن الناتو. كما يمكن أن يسمح للروس بوضع أيديهم على البيانات الإستراتيجية الخاصة بالمقاتلات الأميركية من طراز F-35. وردّ البنتاغون بتجميد تسليم طائرة F-35 التي تدين بها واشنطن لتركيا، وستكون هناك «عواقب وخيمة» على العلاقات العسكرية بين البلدين إذا لم تتخلَّ أنقرة عن خيارها. «أصبحت تركيا العضو المارق في حلف الناتو، الذي يضغط على حلفائه ويصبح من الصعب إدارته بشكل متزايد، لأنّ لديه مصالح وطنية للدفاع عنها»، حسب قول دوروثي شميد Dorothée Schmid في IFRI الى الفيغارو.

هل ما زال لدى تركيا دور للبقاء في التحالف الأطلسي؟
يُطرح هذا السؤال منذ التقارب بين أنقرة وموسكو، والذي يسمح لتركيا وروسيا بموازنة نفوذ الدول الغربية، وخاصة في الشرق الأوسط. لكن قطع العلاقة ليس غداً، لأنّ العضوية في الناتو تسمح لتركيا بالحفاظ على موقفها من القارة الأوروبية. يظل الحلف دعامة لسياسة تركيا الدفاعية، وسيظلّ بلا شك هكذا لسنوات قادمة، حيث لا تستطيع روسيا توفير نفس الضمانات الأمنية التي تقدّمها الولايات المتحدة وحلف الناتو. يفسّر هذا الدليل تردّد أردوغان في عبور الخط الأحمر بشكل واضح، والذي يمثله الإستحواذ على S-400. أمّا الأميركيون، فهم ما زالوا بحاجة إلى قواعد عسكرية تركية لمواصلة لعب دورهم في المنطقة، وخاصة في الحرب ضد «داعش»، وهم أيضاً بحاجة لأنقرة في مواجهتهم لإيران.

إنه الشيء ذاته مع الإتحاد الأوروبي، الذي فرضَ عقوبات مالية على تركيا لفشلها في احترام حقوق الإنسان. وتعتبر المفوضية أنها «تبتعد» عن أوروبا. إنّ التأكيد المتزايد على المصالح الوطنية لتركيا، وغالباً ما يتعارض مع مصالح الأوروبيين، يفسّر الوضع الراهن للمفاوضات مع بروكسل، لأنّ أنقرة رسمياً لا تزال مرشّحة للإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي. «لكن مع مرور الأشهر، تتضاءل الفرَص». لذلك «يجب الخروج من هذا الأمر بطريقة أو بأخرى»، يُحذّر دبلوماسي فرنسي.

إنّ العديد من الأصوات، بما في ذلك في البرلمان الأوروبي، تدعو إلى تعليق المفاوضات. لقد حان الوقت، كما يقولون، لوضع حد للغموض، لتصوّر أطر جديدة للعلاقة بدلاً من العضوية. لكن لا أحد يريد المجازفة بقطع العلاقة، لأنّ الموضوعات التي سيتم التعامل معها مع تركيا عديدة: سوريا، مسألة اللّاجئين، محاربة الإرهاب، العلاقات الإقتصادية. ومقابل تمويل مالي، تعتمد أوروبا على تركيا لتأدية دور حرس الحدود في إحتواء 3 ملايين لاجئ سوري يعيشون لديها منذ عام 2016. وكحارسة لأحد أقفال البحر المتوسط، تُذكِّر تركيا بشكل منتظم البلدان الأوروبية بقدرتها على فتح الطريق أمام المهاجرين.

إنتقاد الدعم الكردي
أمّا بالنسبة للعلاقة الفرنسية التركية، فقد شهدت أيضاً أياماً أفضل. تشعر فرنسا بالقلق من التأثير المتزايد للإسلام التركي في فرنسا وما يحشده حزب أردوغان، كما في البلدان الأوروبية الأخرى لتحريكه في كل إنتخابات في تركيا. إيمانويل ماكرون هو أحد القادة الأوروبيين الذين يريدون وضع حدّ للتناقض، هو الذي قال في عام 2018: «يجب أن نخرج من نفاق التفكير في أننا نستطيع فتح فصول جديدة في المفاوضات مع الإتحاد الأوروبي، هذا ليس صحيحاً». ودعا أنقرة «لإحترام سيادة القانون».

تركيا، من جانبها، تنتقد دعم فرنسا لأكراد سوريا، حلفاء التحالف الدولي، لكنهم الأعداء الرئيسيون لأنقرة في المنطقة. في الشهر الماضي، عانت العلاقة الثنائية أيضاً من القرار الفرنسي بجَعل يوم 24 نيسان يوماً وطنياً لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن. شجب أردوغان «مقدّمي الدرس»، بما في ذلك فرنسا، واتهمها بأنها مسؤولة عن الإبادة الجماعية في رواندا. ساقٌ في الشرق، وأخرى في الغرب. يبدو أنّ الفجوة الكبيرة التي أحدثتها تركيا فوق البوسفور قد بلغت حدودها.

إيزابيل لاسير- لو فيغارو- الجمهورية