لا يختلف إثنان على أن الجبل دخل مرحلة سياسية جديدة منذ الانتخابات النيابية الأخيرة في أيار الفائت، كان عنوانها العريض غياب وليد جنبلاط عن المشهد العام بعد أن أقدم على خطوة توريث نجله تيمور مقاليد الزعامة الجنبلاطية، ليبقى أبو تيمور على رأس الحزب الإشتراكي، وبالتالي ظل طيفه موجوداً لا سيما في المحطات المفصلية.
أما اليوم وبعد مرور عام على تسلمه قيادة الدفة السياسية بدأ النائب الشاب تيمور جنبلاط حراكاً جدياً وفعلياً عبر اللقاء الديمقراطي الذي يضم نخبة من النواب والوزراء المخضرمين سياسياً، وجاءت مشاركة جنبلاط الحفيد في تشييع البطريرك الماروني السابق مار نصرالله بطرس صفير على رأس وفد كبير من الجبل ضم مجموعة من رجال الدين الدروز الى جانب نواب ووزراء الحزب الاشتراكي، بمثابة خطوة حملت في طياتها إشارة واضحة الى دخول تيمور جنبلاط المشهد السياسي إنطلاقاً من الركائز التي أرساها والده مع البطريرك الراحل بطرس صفير من خلال مصالحة الجبل التي طوت صفحة الحرب الأهلية الأليمة.
وبالتوازي مع المشهد السياسي العام يبدو أن رئيس اللقاء الديمقراطي دخل تفاصيل اللعبة السياسية على المستوى الدرزي وبدأ يمسك ببعض مفاتيحها، وفي هذا الإطار برز اللقاء الذي جمع النائب تيمور جنبلاط والأمير عادل فيصل أرسلان نجل شقيق النائب طلال أرسلان، على هامش حفل الإفطار الذي أقامته دار الطائفة الدرزية في فردان، وتسلطت الأضواء على اللقاء الذي وضع بحسب معلومات لـ"الكلمة أونلاين" في خانة الرسالة الإشتراكية الحاسمة بإتجاه النائب طلال أرسلان، ومفادها بأن "الإشتراكي" قادر على إعادة الثنائية الى البيت الأرسلاني عبر نجل الأمير الراحل فيصل أرسلان، في ظل العلاقة المقطوعة مع عمه النائب طلال أرسلان".
وتفيد معلومات لـ"الكلمة أونلاين" الى أن لقاء النائب تيمور جنبلاط مع الأمير عادل ارسلان جاء كمقدمة للقاءات قادمة مرتقبة بين الرجلين، في خطوة تعكس إنتقال النائب جنبلاط الى خطة الهجوم، خصوصاً بعد التقارب بين خصمي الإشتراكي السياسيين أي النائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب ومعهما باقي مكونات المعارضة الدرزية، والتي يبدو أنها دخلت مرحلة جدية وجديدة عنوانها إستعادة التوازن مع جنبلاط في الجبل، وذلك بدعم من حزب الله والقيادة السورية، بهدف خلق ثنائية درزية مع جنبلاط على إمتداد "الجغرافية الدرزية"، لا سيما بعد نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة التي كرست زعامة جنبلاط في ظل إنقسام وتشتت خصومه السياسيين قبل المصالحة الأخيرة بين وهاب وأرسلان وما تلاها من خطوات لتثبيت التحالف الدرزي المعارض لجنبلاط وآخرها العشاء التكريمي الذي أقامه وهاب لأرسلان في الجاهلية، وقبله الإحتفال الذي أقامه الحزب الديمقراطي اللبناني في بلدة بيصور بمناسبة عيد المقاومة والتحرير والذي تضمن مواقف سياسية من قلب الجبل لخصوم الاشتراكي السياسيين، حيث ألقى الوزير محمود قماطي كلمة حزب الله، كما ألقى النائب سيزار أبي خليل كلمة التيار الوطني الحر الى جانب كلمة وزير شؤون النازحين صالح الغريب، كما سبق احتفال بيصور عشاء في السفارة السورية جمع أقطاب المعارضة الدرزية.
في المحصلة يبدو واضحاً أن النائب تيمور جنبلاط أنهى مرحلة الترقب في مشواره السياسي، وانتقل الى مرحلة المواجهة مع خصومه السياسيين على الحلبة الدرزية والتي تشكل نقطة الإرتكاز في زعامة النائب الشاب، وبإنتظار الخطوات القادمة يمكن القول أن المشهد السياسي على المستوى الجبل عموماً والدرزي خصوصاً سيشهد الكثير من المحطات والمفاجأت، ويبدو أن عنوانها سيكون هجوم تيمور جنبلاط المعاكس على خصومه السياسيين.