سيمون أبو فاضل - الحرب الخليجية توطئة لحرب «تل ابيب» مع «الممانعة» التي تطوقها

  • شارك هذا الخبر
Saturday, May 25, 2019

ثمة قناعة مبنية على معطيات مفادها بأن الحرب الأميركية - الإيرانية في الخليج، إذا ما وقعت، لن تكون محصورة في الزمان والمكان، بل هي شرارة معركة ستكون على جبهتين، الأولى بين القوات الأميركية والخليجية من جهة وبين الجانب الإيراني من جهة . فيما الجبهة الثانية ستكون بين إسرائيل وبين «قوى الممانعة» التي ستتحرك في كل من الجنوب اللبناني وغزة والضفة الغربية، إضافة إلى سوريا التي توجد فيها قوى حليفة لإيران.

وبحسب ما أفادت أوساط ديبلوماسية غربية، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يندفع نحو تدجين ايران، وإذا أمكن «تطيير» نظامها الحالي، لكن ذلك من ضمن مندرجات تصاعدية، بحيث إذا ما تمكن الوسطاء من إقناع طهران بالانخراط في مفاوضات وفق شروط ترامب، يكون الأمر قد أوصل إلى ما يقارب شلّ تمددها في المنطقة وتقليص دورها، لأن الحد من انفلاش نفوذها الإقليمي هو أحد الشروط الاساسية لترامب في موازاة ضبط إنتاجها النووي والباليستي.

على أن تكون المواجهة الأميركية هي الخيار الثاني إذا ما أدى الأمر إلى عدم الدخول في مفاوضات، بالتزامن مع احتكاك عسكري أميركي - إيراني أو عمليات عسكريات تقدم عليها طهران في الخليج، تدفع القوات الأميركية الى شنّ الحرب عليها، بعيدا عن النتائج التي قد ترتبها هذه المواجهة.

فإيران، وفق الأوساط الديبلوماسية، قد تعمد الى اظهار ذاتها بموقع غير الخائف من التهديدات الأميركية والقادرة على تسجيل نقاط من خلال عمليات عبر حلفائها على أهداف خليجية من أجل التهويل على واشنطن وكذلك شدّ العصب القومي داخليا تحسبا لأي حراك اعتراضي.

لكن نشوب هذه الحرب في الخليج لن يكون دون اشتعال الجبهة الإسرائيلية مع «الممانعة» في معركة يصفها الديبلوماسيون بأنها ستكون «حرب العمر» لتل أبيب التي لم تعد تستطيع تحمّل التهديدات المحدقة بها من محور الممانعة» الموزع على كل من غزة والضفة والجنوب اللبناني وسوريا، بحيث ستكون المنطقة أمام حرب شاملة تهدف منها واشنطن وإسرائيل الى الخروج بانتصار على إيران وحلفائها مهما كان الثمن والنتائج الكارثية على هذه الدول والمناطق.

فصفقة القرن تتطلب موازين قوى جديدة تستند أقله إلى انعدام قدرة الممانعة على مواجهتها أو عرقلتها، لأن الرئيس الأميركي قرّر أن يسجّل مكسباً تاريخيا في حلّه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وفق ما يراه مناسباً، لذلك فإن المنطقة أمام مرحلة «عضّ أصابع» وضبط أنفاس، سيما أن إيران لن تقبل تقليص نفوذها بعد الدور الذي وصلت إليه، فيما واشنطن مصممة على رسم حدود جديدة لها على أكثر من صعيد.

وما يعزز ارتفاع أسهم الحرب، حسب الأوساط الغربية، هو أن الهدايا التي قدمها كل من ترامب الى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليست دون ثمن، وهي تهدف أقله إلى تفاهم معه على أن يكون خاضعاً أو منضبطا في حراكه العسكري إذا ما دخل الحرب ضد إيران وحلفائها.

فالترتيبات التحضيرية لصفقة القرن وإغراء الفلسطينيين اقتصادياً من خلال المؤتمر الذي سيعقد في البحرين خلال حزيران المقبل استعدادا للملمة الشمل الاقتصادي الفلسطيني، رغم اعتراض السلطة الرسمية الفلسطينية، التي هي في الأساس تشكل محطّ مآخذ على إدارتها وفسادها من قبل دول خليجية عديدة، بحيث تكون القيادة المستقبلية مع عناصر واقعية الخطوات قادرة على تأسيس مشروع الدولة الجديدة تحت سقف التفاهمات التي سترسمها واشنطن وموسكو بغطاء خليجي - عربي - إسلامي لإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بأبعاده المحلية والإنسانية والاجتماعية لهذا الشعب.

وما يقلق هذه الأوساط هو أن ترامب يعتبر أن المواجهة مع إيران وتحقيق النتائج عليها يعيد الدور الريادي الى واشنطن عالميا بعد التخاذل الذي سجله سلفه باراك اوباما على ما ردد في أكثر من مناسبة، عدا ان الحرب المكلفة ليست نزهة لكن واشنطن مصرة على تحقيق صفقة القرن وهي تعمل لتأمين الغطاء لها كما كان الأمر مع الرئيس المصري السيسي عبد الفتاح السيسي الذي كان زار البيت الأبيض وتبع ذلك حصوله على هديتين تجلتا بغضّ نظر واشنطن عن مبايعته لعقد ونيّف في السلطة وكذلك تصنيف الإخوان المسلمين في خانة الإرهاب.

فصفقة العصر، تتابع الأوساط، قد تفرض ما يقارب «سايكس - بيكو» جديداً في رسم معالم الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو امر لن يتراجع عنه ترامب الذي لا يزال يملك الوقت الكافي لتحقيقه في حال استهلكت إيران الوقت حاليا في مفاوضات مع واشنطن، يضع لها ترامب مهلة زمنية، بحيث سيكون أمامه الوقت الكافي لقلب طاولة المنطقة إذا ما أراد، حتى قبيل انتخاباته الرئاسية، حيث دلّت آخر استطلاعات الرأي على تراجعه، بما قد يدفعه عشية إعادة ترشيحه إلى خلط أوراق المنطقة بهدف تأمين ورقة تشكل مكسبا له في بقائه رئيسا للولايات المتحدة الأميركية.