تصاعُد التوتر في الخليج وتحذير أوروبي من إندلاع نزاع «عن طريق الخطأ»

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, May 14, 2019

تصاعد التوتر في الخليج بعد تعرّض أربع سفن لأعمال «تخريبية»، بحسب ما أعلنت الرياض وأبوظبي، فيما عدّل وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو خطط جولته للتوجّه الى بروكسل وبحث الملف الايراني مع المسؤولين الأوروبيين، الذين حذّروا الولايات المتحدة من تصعيد إضافي للتوترات حول الاتفاق النووي الإيراني، في وقت تحدثت فيه بريطانيا عن خطر اندلاع نزاع «عن طريق الخطأ» في الخليج.
أعلنت السلطات السعودية، فجر أمس، عن تعرّض ناقلتي نفط سعوديتين لـ»هجوم تخريبي» قبالة السواحل الإماراتية.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خالد الفالح قوله: «تعرّضت ناقلتان سعوديتان لهجوم تخريبي وهما في طريقهما لعبور الخليج العربي في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، بالقرب من إمارة الفجيرة».

وكانت الإمارات العربية المتحدة قد أعلنت أمس الاول، أنّ أربع سفن شحن تجارية من جنسيات عدّة تعرّضت لـ«عمليات تخريبية» في مياهها قبالة إيران، في شرق إمارة الفجيرة من دون تحديد المنفذين، واصفة الحادث بأنّه «خطير» وبأنّ تحقيقاً يجري في الواقعة.

وأعاد وزير الدولة للشؤون الخارجية في الامارات أنور قرقاش أمس، التأكيد على إجراء التحقيق. وكتب في تغريدة على «تويتر»: «التحقيق يتم بحرفية وستتضح الحقائق ولنا قراءاتنا واستنتاجاتنا».

وقال مصور لوكالة «فرانس برس» في الفجيرة، إنّ هدوءا عمّ ميناء الامارة أمس، وإنّ العمليات فيه تسير بسلاسة.

وأكّد مسؤول اماراتي لوكالة «فرانس برس»، مفضّلا عدم الكشف عن هويته»، انّ اثنتين من السفن الاربع تحملان علم السعودية وهما «المرزوقة» و«أمجاد»، فيما تحمل الثالثة علم دولة الامارات «أي ميشيل» وهي أيضاً ناقلة نفط، والرابعة تحمل علم النروج وتدعى «اندريا فيكتوري»، مشيراً إلى وجود أضرار في أسفل هيكل السفينة النروجية من الجهة الخلفية.

وأعلنت شركة «توم» النروجية في بيان، أنّ ناقلة النفط أندريا فيكتوري تعرّضت لأضرار هيكلية بعدما «اصطدم بها جسم غير معروف».

وأكّد الفالح، من جهته، عدم وقوع أي إصابات أو تسرّب للوقود من جرّاء الهجوم «في حين نجمت عنه أضرار بالغة في هيكلي السفينتين».

وأضاف الوزير، أنّ إحدى الناقلتين كانت في طريقها «للتحميل بالنفط السعودي من ميناء رأس تنورة، ومن ثم الاتجاه إلى الولايات المتحدة لتزويد عملاء أرامكو السعودية».

ولم تحدّد الرياض ولا دولة الإمارات طبيعة تلك الأعمال أو الجهة التي تقف خلفها.

«عمل إجرامي»

في وقت لاحق، دانت الخارجية السعودية «الاعمال التخريبية» التي استهدفت سفن شحن تجارية قبالة الامارات.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية إنّ «هذا العمل الإجرامي يشكّل تهديداً خطيراً لأمن وسلامة حركة الملاحة البحرية، وبما ينعكس سلباً على السلم والأمن الإقليمي والدولي».

وشدّد على تضامن السعودية «ووقوفها إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في جميع ما تتخذه من إجراءات لحفظ أمنها ومصالحها».

وكانت الخارجية الاماراتية اعتبرت الاحد أنّ «تعريض السفن التجارية لأعمال تخريبية وتهديد حياة طواقمها يعتبر تطوراً خطيراً».

في المقابل، قال نيل بارتريك، الخبير في شؤون الخليج، إنّه «في حال كانت هناك بالفعل محاولة متعمّدة لإلحاق الضرر بناقلات النفط هذه، فإنه من المحتمل أن يكون ذلك تحذيراً من إيران إزاء العواقب التي قد تنجم عن إقدام أي طرف على عمل عسكري ضد الأهداف الإيرانية في أي مكان في المنطقة».

ويتمتع ميناء الفجيرة بموقع استراتيجي يتيح للامارات تصدير النفط من دون المرور بمضيق هرمز، وبالتالي ضمان حركة التصدير في حال حصول اي توترات اقليمية.

وقد هدّدت ايران عدة مرات بإغلاق المضيق الاستراتيجي في حال حصول أي مواجهة عسكرية في الخليج.

وتضم إمارة الفجيرة ميناء يحتوي على منصتين لتصدير النفط وعلى أنبوب يؤمّن النفط من أبوظبي حيث توجد غالبية الاحتياطي النفطي الإماراتي.

وأنبوب النفط هذا البالغ طوله 406 كلم يتيح نقل 600 ألف برميل من النفط يومياً وخصوصاً لتجنّب مضيق هرمز. وميناء الفجيرة له قدرة تخزين كبرى تبلغ 70 مليون برميل.

ردود فعل

ندّد الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني بالحوادث البحرية قبالة الامارات، معتبراً أنّ الواقعة «تطور وتصعيد خطير يعبّر عن نوايا شريرة للجهات التي خطّطت ونفذّت هذه العمليات».

كما دان أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، بأشد العبارات «الأعمال التخريبية»، مُشدداً على «أنّ هذه الأعمال الإجرامية تُمثل مساساً خطيراً بحرية وسلامة طرق التجارة والنقل البحري، ومن شأنها أن ترفع مستوى التصعيد في المنطقة».

وفي طهران، عبّرت السلطات عن «القلق» لتعرّض سفن في الإمارات لأعمال «تخريبية» وحضّت على إجراء تحقيق.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي في بيان نُشر على موقع الوزارة بالانكليزية، إنّ «الأحداث في بحر عُمان مقلقة ومؤسفة».
ودعا إلى إجراء تحقيق في الهجمات، محذراً من «مغامرة لاعبين خارجيين» لعرقلة أمن الملاحة.

تحذير أوروبي وبومبيو في بروكسل

يأتي الحادث في المياه الإماراتية في خضم مرحلة من التوتر المتصاعد بين إيران والولايات المتحدة.

وأرسلت الولايات المتحدة سفينة هجومية وبطاريات صواريخ «باتريوت» إلى الشرق الأوسط لتعزيز قدرات حاملة الطائرات «أبراهام لنكولن» وقاذفات من طراز «بي-52» أُرسلت سابقاً إلى منطقة الخليج، مع اتهام وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو طهران بأنّها تخطط لاعتداءات «وشيكة» وتعزّز حضورها العسكري في الخليج.

وحطّ بومبيو أمس في بروكسل في زيارة مفاجئة، حيث التقى نظراءه من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي في 2015 الهادف إلى الحد من طموحات إيران النووية مقابل رفع العقوبات عنها.

وجاءت تلك اللقاءات على هامش اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل.

وأُعلن عن زيارة بومبيو لبروكسل في اللحظة الأخيرة، ووصل آملاً بإظهار وحدة بين الأوروبيين والأميركيين ضدّ إيران. لكنه مُني بخيبة أمل مع انتقاد بريطانيا وفرنسا وألمانيا علناً المقاربة الأميركية المتشددة حيال المسألة.

وقال وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس، إنّ برلين «لا تزال تنظر للاتفاق النووي كأساس لعدم امتلاك إيران لأسلحة نووية في المستقبل، ونرى في ذلك بعداً وجودياً بالنسبة لأمننا».

وأكّد ماس أنّه شدّد في لقائه الثنائي مع بومبيو على القلق من «التطورات والتوترات في المنطقة، وعلى أننا لا نريد أي تصعيد عسكري».

ولدى وصوله إلى بروكسل، دعا وزير الخارجية البريطانية جيريمي هانت إلى «فترة هدوء»، محذّراً بوضوح من خطر دفع إيران من جديد نحو تطوير أسلحة نووية. وقال: «نحن قلقون من خطر نزاع يندلع عن طريق الخطأ بسبب تصعيد غير مقصود من قِبل كلا الطرفين».

وتابع، أنّ «الأهم هو أن نعمل على عدم عودة إيران الى طريق التسلّح النووي. إذا باتت إيران قوة نووية، فهذا يعني أنّ جيرانها قد يصبح لديهم الرغبة في أن يكونوا قوى نووية أيضاً».

وأوضح بالقول: «إنّها المنطقة الأقل استقراراً في العالم وسيكون ذلك خطوة كبرى في الاتجاه الخطأ».

وفي السياق نفسه، شدّدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني على أهمية الحوار، معتبرة أنّه «الطريق الوحيد والأفضل لمعالجة الخلافات وتجنّب التصعيد» في المنطقة.

وأضافت: «نواصل دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً»، مشيرة الى أنّ الاتفاق «كان ويبقى بالنسبة لنا عنصراً أساسياً لأسس عدم انتشار الأسلحة على الصعيد الدولي وفي المنطقة».

وانضمّ وزير الخارجية الفرنسية جان-ايف لو دريان إلى منتقدي الولايات المتحدة بالقول، إنّ خطوة واشنطن بالتصعيد ضد إيران «لا تلائمنا».

وترأست موغيريني اجتماعاً مع وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا حيث بحثوا في كيفية إبقاء الاتفاق النووي الإيراني على قيد الحياة.