خاص – تنفيعات الإنتخابات تُسترد من جيب الفقير.. عبر الموازنة!

  • شارك هذا الخبر
Monday, May 6, 2019

خاص- الكلمة أونلاين

أليزابيت أبو سمره

الحكومة تطبخ بنود الموازنة على نار هادئة .. والمواطن ينتظر إما طبخة يغص بها أو في أقصى الحالات فهو يمهد لنفسه أنه سيتسمم منها.

فإلى أي مدى سيكون الإحتمال الثاني وارد؟

فلنعرض بعض الأرقام والوقائع الواردة في تقرير مشروع الموازنة.

إذا بدأنا بالأكثر تداولا في حديث العامة وهي معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة، فتضخم كتلة المعاشات التي كانت تشكل 55% من اعتمادات الرواتب، باتت عام 2018 بحدود 72%، وهذا المؤشر من شأنه أن يعكس إشكالية كبيرة في موضوعي التوظيف والإحالة على التقاعد وكلفته على حد سواء، ويحتم علينا إعادة النظر بنظام التقاعد وتوحيده على كافة الأسلاك ووضع حدود للنفقات المرتبطة به.

كل يوم حديث عن الموازنة ومشاكلها ويتداول بها مَنْ هم أكثر المتضررين من إجراءاتها لو أقرت.
لفت في الآونة الأخيرة تطرق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى موضوع المصارف، هنا استوقفنا أن نسأل الخبراء في مجال الإقتصاد إذ أشار الكاتب و الباحث الإقتصادي زياد ناصر الدين إلى أن عدم الإنهيار وإنقاذ الوضع سيكون من حصة المصارف في الوقت الحالي والمستقبلي لأنها تملك القدرة النقدية والمالية الضخمة التي تتحكم في كثير من القطاعات.وأولها إنقاذ الإسكان الذي توقف نتيجة عدم مساهمة المصارف في الملف.

ناصر الدين يلفت إلى أن المطلوب هو خطة لتخفيض الفوائد لأنه عامل إيجابي في الأسواق اللبنانية ويساهم في عودة السيولة إلى السوق وعودة الإستثمار الذي يصبح قادرا على الإنفاق والإستهلاك وبالتالي، نصبح قادرين على خلق فرص عمل جديدة تساعد في إعادة النمو إلى طبيعته، لأن رفع الفوائد وإن يزيد الإيداعات، لكنه يهرّب الإستثمار.
وبين زيادة الإيداعات والإستثمار، فالإستثمار أهم، على المستوى الإقتصادي بينما الإيداعات مهمة على المستوى النقدي.

ويتابع ناصر الدين أنه من المفترض إعداد موازنة متكاملة على مستوى النقد والإقتصاد والمال مجتمعين، وكل قرار سيتخذ بشأن الموازنة، يجب قياس تداعياته على الإقتصاد والإستثمار والإنتاج وبالتالي قياس تداعياته على خلق فرص عمل جديدة.
أما بشأن تداعيات الموازنة على المال، فالمقصود هو تأثير الضريبة على الوضع المالي العام والتوظيفات وطريقة الجباية.

يسود شعور موحّد اليوم أن من بين نقاط ضعف الموازنة هو افتقارها إلى رؤية وخطة اقتصادية تسمح بتحقيق عملية إنقاذ حقيقية، لأن الإصلاح يتمّ في مجالات محددة، ولكن هنا، يقف النفوذ السياسي حجر عثرة يتسبب بمضاعفة الفساد، فكيف يتحقق الإصلاح من دون فصل السياسة عن الإقتصاد ولا سيما أن السياسة تتحكم بالإقتصاد؟
الرؤيا والخطة الإقتصادية المطلوبتان في عملية الإنقاذ، تتطلبان الإنتقال من موازنة "أرقام" إلى موازنات إنقاذية تستعيد فيها الدولة إيراداتها مع ضبط الإنفاق، وخصوصا بعدما استفادت الطبقة السياسية من إيرادات دولتنا الكريمة.
إذا، تشكل المصالح السياسية واحدة من عوامل الضعف في هيكلية الدولة.
وبناء عليه، يطلب من الطبقة السياسية أن تلعب دورا أساسيا وتتقبل الأمر الواقع بتخفيض حجم استفادتها إلى جانب دور بنّاء ستلعبه المصارف.

أما في مسألة الرواتب والأجور وتعويضات نهاية الخدمة، فيعود أسباب التضخم إلى أهداف سياسية وانتخابية بعد عملية التوظيف العشوائي.
فمَنْ يناقش الموازنة، هو من أدخل وهو الذي أقر موازنة خاطئة لسلسلة الرتب والرواتب.
وهنا الفرق!
وبالتالي ما ذنب المواطن بعد كل انتخابات؟ أنه لا يتعلم من الدورات السابقة وفي كل مرة يحل ملكا على المرشحين قبل الإنتخابات ليعود إلى مكانته في رحلة العذاب في هذا البلد.

على أي حال، المواطن غير مسؤول عن أخطاء تجري في سياق دراسة الحكومة للموازنة، ولكن المطالبة هي إعادة النظر. ولكن بماذا ستكون إعادة النظر؟ هناك رواتب مرتفعة جدا في أغلبية القطاعات من رؤساء دوائر ولجان فتصل رواتبهم حتى أكثر من راتب رئيس الجمهورية بأضعاف، هنا، يجوز وضع سقف.
وأكثر من ذلك، يسأل ناصر الدين: ألم تقدم المخصصات والرواتب المرتفعة في ظل تغطية سياسية؟ الجواب أن المشكلة الأساس هي الفساد السياسي الذي يغني على ليلاه ويفعل ما يشاء.

كما نعاني واحدة من أهم نقاط الضعف في اقتصادنا هي الإستدانة، وفي هذه الحال إن الإنفاق يحصل من دون استثمار الذي يعمد إلى خلق فرص عمل ويساهم في تعجيل وتيرة النشاط الإقتصادي.
ولمن يحسب أن زيادة الضرائب هي الحلّ، فههو مخطئ لأن زيادتها في المكان غير المناسب يخسّر الدولة حتما إيراداتها.

ويختم ناصر الدين أن الحل هو بتخفيض الفوائد لعودة قروض الإسكان وعودة الاستثمار وزبادة الإستهلاك والإنفاق وخلق فرص عمل جديدة لتحقيق عملية إنقاذ البلد ولتخفيف الضغط على المالية العامة.

وفي الخلاصة، على الجميع تحمُّل المسؤولية وخصوصا أن من يملك القدرة المالية الأكبر، هو مَنْ عليه أن يتمتع بالمساهمة الفعالة لأنه أكثر من استفاد من الوضع المالي – الإقتصادي في الثلاثين سنة الماضية.

ونختم بالملاحظة التالية: كيف لليخوت الذي يتخطى ثمنها ملايين الدولارات، أن يحق لأصحابها التهرب من دفع الضريبة، على حساب أن تشاطر السلطة المواطن الفقير لقمة عيشه المغمّسة بالعرق والدم وجيبه الممزق.

ونسأل بعد: لماذا نستمر في الإستدانة؟


Alkalima Online