جبريل العبيدي - رؤية أميركية واضحة تتبلور إزاء ليبيا

  • شارك هذا الخبر
Monday, April 22, 2019

في قراءة أولى لبيان البيت الأبيض حول المكالمة الهاتفية التي أجراها رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب مع القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، فإن بيان البيت الأبيض جاء بعد حدوث المكالمة بأيام قليلة، وكان إعلانه عن تفاصيل المكالمة عشية التوافق الأميركي - الروسي على رفض قرار تقدمت به ألمانيا وبريطانيا لإيقاف وعرقلة الجيش الليبي عن تقدمه لتحرير العاصمة من ميليشيات تنظيم «الإخوان»، والعصابات الإجرامية المتحالفة معه.
دلالات التوقيت في إعلان البيان، والألفاظ والصفات للمتحدثين، تحدد معالم الرؤية الأميركية؛ ووصف المشير حفتر بقائد الجيش، والثناء على دوره في مكافحة الإرهاب، جميعها نقاط لا يمكن إغفالها، بعد نضوج الموقف الأميركي، وانقشاع الضبابية في رؤية المشهد الليبي.
البيان الذي جاء فيه أن «السيدين ترمب وحفتر ناقشا، يوم الاثنين الماضي، الجهود المستمرة لمكافحة الإرهاب، والحاجة إلى تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا... والسيد ترمب اعترف بجهود السيد حفتر في مكافحة الإرهاب وتأمين موارد ليبيا النفطية، وناقش الاثنان رؤية مشتركة لانتقال ليبيا إلى نظام سياسي مستقر وديمقراطي».
الموقف الأميركي جاء في بيان صادر عن البيت الأبيض، وليس في تغريده للرئيس ترمب، كالعادة، مما يؤكد أنه موقف متناغم مع جميع أركان الإدارة الأميركية، وهو اعتراف صريح وقراءة عميقة نتج عنها تبلور لموقف أميركي واضح من المشير حفتر والجيش الليبي. الموقف الأميركي السابق أغرقته أكاذيب تنظيم «الإخوان» والنظام القطري في مستنقع ضحل، في محاولات بائسة لتضليل الموقف الأميركي والموقف الدولي.
ولعلّ ما نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» عن موقف وزير الدفاع الأميركي أكد هو الآخر على الموقف من تأييد المشير حفتر، وفي تعليق آخر على المكالمة الهاتفية بين الرئيس ترمب والمشير حفتر، قال فريدريك وهري الخبير في مؤسسة كارنيغي للسلام: «إن هذا الاتصال امتياز كبير لحفتر؛ فهو وللمرة الأولى لديه هذا التأييد الشخصي الذي يرفع من مكانته، ليضعه في اتصال مباشر مع أقوى زعيم في العالم».
الموقف الروسي كان واضحاً منذ البداية، ولكن المفاجأة كانت في الموقف الأميركي، الذي انضم إلى الموقف الروسي في أول توافق لهما في مجلس الأمن، منذ تاريخ طويل، الأمر الذي لا يمكن القفز عليه دون قراءة جيدة متأنية.
الموقف البريطاني ليس بمستغرَب، فبريطانيا تأوي عناصر وقادة تنظيم «الإخوان» الفارين والمطارَدين بقضايا في بلدانهم، عبر سنين، ولا تزال الحكومة البريطانية لم تبيِّن موقفها في مسألة تصنيف التنظيم «جماعة إرهابية»، وهي تحت مبررات وقف العمل العسكري، وضرورة إعطاء فرصة للحل السياسي، دخلت من تلك النافذة إلى ألمانيا.
لم تفلح بريطانيا في تمرير ورقتها على الرغم من تعديل ثالث في مجلس الأمن، حيث اعترضت روسيا والولايات المتحدة على مشروع البيان البريطاني حول ليبيا في الجلسة المغلقة التي دعت لها ألمانيا بصفتها الرئيس الدوري لمجلس الأمن هذا الشهر، وهو توافق يحدث لأول مرة بين روسيا والولايات المتحدة.
بيان البيت الأبيض حول مكالمة الرئيس ترمب للمشير حفتر، ودعمه للجيش والمشير في الحرب على الإرهاب، عقب موقف التوافق مع الموقف الروسي في مجلس الأمن، تؤكد تبلور رؤية واضحة للإدارة الأميركية حول ليبيا، ستشهد منعطفاً كبيراً، سيدفع كثيرين إلى القفز من مركب حكومة السراج الغارق في مستنقع الميليشيات والتنظيمات الإرهابية، التي حولته لمجرد «كومبارس» وواجهة سياسية لها، خصوصاً بعد مجاهرة مطلوبين دوليين في قضايا إرهاب وجريمة منظّمة، وأسماؤهم معروفة، وظهور مَن ينتمي للتنظيمات الإرهابية كـ«أنصار الشريعة»، التي لا تخفي ولاءها لـ«داعش».
مكالمة ترمب للمشير، التي دعم فيها مكافحة الجيش الليبي للإرهاب، ودور المشير في حماية حقول النفط، بحثت أيضاً الرؤية المشتركة لانتقال ليبيا إلى نظام سياسي ديمقراطي.