خاص- هكذا تحمون أولادكم من "التنمر"... قبل فوات الأوان!

  • شارك هذا الخبر
Thursday, April 18, 2019

خاص - عبير بركات

لاشك أننا نعيش في زمن تحكمه التكنولوجيا، في عالم إفتراضي يعكس مجتمعاً نعيشه يومياً. إن التكنولوجيا بفضائها المفتوح قد أفرزت العديد من المشاكل وعمقت العديد منها والتي كانت موجودة بالأصل ولكنها لم تكن بالخطورة التي هي عليه اليوم، ولعل أبرزها مشكلة "التنمّر" التي تعتبر من المشاكل القائمة منذ زمن إلاّ أنها كانت محصورة في أماكن معينة كالمدرسة، الشارع... وكان الفرد يجد ملاذاً آماناً للهرب منها داخل منزله، أما اليوم مع وجود التكنولوجيا أصبح التنمّر فعلاً يمارس على الإنسان وهو جالس في غرفته وبين عائلته ومع من يحب، فلا يستطيع الهرب منه، وكل ذلك بفضل هذا الفضاء المفتوح الذي بات يسيطر على حياتنا جميعاً، ومن هنا أخذ التنمر إسماً جديداً هو "التنمّر الإلكتروني".

قد يتسأل البعض ماذا يقصد بالتنمّر الإلكتروني؟

التنمّر الإلكتروني هو استغلال الإنترنت والتقنيات المتعلقة به بهدف إيذاء أشخاص آخرين بطريقة متعمدة ومتكررة وعدائية، ونظراً لأن هذه الوسيلة أصبحت شائعة في المجتمع خاصة بين فئة الشباب، فقد وضعت تشريعات وحملات توعوية لمكافحتها في شتّى أنحاء العالم، وبالرغم من ذلك، لاتزال هذه المشكلة قائمة مقلقة.

تشير العديد من الدراسات أن 18% من الأطفال والمراهقين تعرضوا لما يعرف بالتنمّر الإلكتروني، والكثيرين منهم لم يستطيعوا مواجهة المتنمّرون لذلك لجؤوا إلى الانتحار تخلصاً منهم.

لكن ما هي أشهر التطبيقات الالكترونية التي لعبت دوراً في زيادة التنمّر الإلكتروني مؤخراً؟

يعتبر تطبيق "الصراحة" من أشهر التطبيقات التي ظهرت مؤخراً وكان الهدف الأساسي منه النقد البناء والإيجابي، لكن مع الأسف تحوّل هذا التطبيق إلى وسيلة للتنمّر الإلكتروني حيث تعرّض العديد من المراهقين من خلاله إلى أقسى أنواع التنمّر، الأمر الذي دفع البعض منهم إلى اللإنعزال، فيما اختار البعض اللآخر الإنتحار كأسهل وسيلة للتخلص مما يتعرضون له، هذا الأمر دفع القيّمين على هذا التطبيق إلى ايقافه، و مع ذلك التنمّر لايزال مستمر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عبر البوستات والرسائل...

أما السؤال الأهم فهو كيف نحمي أطفالنا من التنمّر سواء أكان هذا التنمّر الكترونياً أو اجتماعياً؟
في الواقع التنمّر ليس بجديد علينا لكن وسائل التنمّر اليوم أصبحت متعددة، فالطفل قد يتعرض للتنمر في عمر صغير جداً من قبل الأطفال الآخرين الموجودين ضمن العائلة الواحدة، و في المدرسة من قبل زملائه، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي لكن ما يختلف من طفل لآخر هو ردة فعله تجاه التنمّر وكيفية التعاطي معه والأثر الذي يتركه في نفسه وكل ذلك مرهون بالتربية وعلاقته مع والديه.

فالطفل الذي ينشأ في أسرة تدعمه وتعزّز ثقته بنفسه دائماً من خلال الحوار معه واحترام أفكاره سوف يتجاوز التنمّر بسهولة شديدة من خلال توجيهه إلى ضرورة الدفاع عن نفسه ليس من خلال العنف طبعاً إنما من خلال رفضه لهذا السلوك وعدم الاستسلام لهُ، بالإضافة إلى تعريف الطفل أنه مميز ولديه الكثير من الجوانب المثيرة للإعجاب، وأيضاً إقناعه أنه ليس من المعيب أن يلجأ لطلب المساعدة من المعلمة أو من والديه حين يتعرض لمثل هذه التصرفات، بل على العكس فإن هذا التصرف دليل على حكمته ووعيه كي يضع حد لللآخر الذي يمارس التنمر عليه أو على غيره، وعلينا أن نفسر له أن الشخص الذي يمارس التنمر ليس شخصاً قوياً بل على العكس هو شخص ضعيف يعاني العديد من المشاكل التي تدفعه إلى اثبات الذات عن طريقة الإساءة للآخرين.

هذا الكلام ينطبق على المراهقين والأطفال الذين يتعرضون للتنمر الالكتروني.. فمن حظي منهم بِـبيئة قائمة على الصراحة والحوار الدائم سيتمكن من مواجهة أي إساءة قد يتعرض لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والعكس صحيح.

فالطفل أو المراهق الذي يعيش في بيئة قائمة على الخلافات وتوجيه اللّوم الدائم إليه، سوف يواجه مشاكله بضعف وسيتأثر بالتنمر ويستسلم لمن يؤذيه ظناً منه أنه يستحق وذلك لإنخفاض مستوى تقديره لذاته نتيجةً للتربية التي يتلقاها في المنزل، بالإضافة إلى أن التنمّر قد يكون سبباً في تراجع تحصيله الدراسي وإنطوائه وقد يصل به الأمر إلى التخلص من حياته لشعوره أنه شخص غير مهم ولا يستحق الحياة.

مما لاشكّ فيه أن التربية مسألة معقدة جداً وتتطلب الكثير من الوعي والإنفتاح على التغيرات التي فرضتها التكنولوجيا، ولكن لاشكّ أيضاً أنه بالحب والإحتواء والثقة نستطيع أن نحمي أطفالنا من الكثير من المشاكل والأزمات.

Abir Obeid Barakat