غبريل لـ"الكلمة أونلاين": لن نعيد تجربة باريس2.. والمطلوب إصلاحات ملموسة!

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, April 16, 2019

خاص – الكلمة اونلاين

ياسمين بوذياب

تواجه المصارف التجارية في لبنان، في الآونة الاخيرة، هجوما شرسا وافتراءا كبيرا من قبل الدولة اللبنانية وجهات عديدة أخرى، قد يكون مصدره عدم الوعي والإدراك لكيفية عمل المصارف ودقتها.
هذا الهجوم جاء بعد مطالبة الدولة اللبنانية بالحصول على مبالغ مالية من المصارف بفائدة صفر بالمئة، باعتبار ان الأخيرة تجني ارباحا كبيرة وهي قادرة على تحمل هذا الأمر.

رئيس قسم البحوث والتحاليل الاقتصادية في مجموعة بنك بيبلوس، نسيب غبريل، وفي حديث لموقع "الكلمة اونلاين"، شدد على ان القطاع المصرفي في لبنان، ومنذ 25 سنة، يتحمل مسؤولياته لدعم الاستقرار النقدي وصرف الليرة اللبنانية، بالاضافة الى استقرار المالية العامة بالرغم من الخلل الذي يصيبها، وكذلك الاستقرار الاقتصادي الذي ينتج بالتالي الاستقرار الاجتماعي، لافتا الى ان احد مساهمات القطاع المصرفي بالاستقرار الاجتماعي، هو القروض السكنية التي وافقت عليها المصارف، والتي بلغ مجموعها 131 الف قرض في اواخر عام 2018، ما مجموعه 13 مليار دولار، وبات اليوم دور الطبقة السياسية لتحمل ولو جزءا من هذه المسؤولية بدلا من التهجم على المصارف بعد كل ما توفره الأخيرة.

وفي السياق، اكد غبريل ان المصارف اللبنانية تتمتع بثقة مرتفعة من قبل المودعين والمساهمين والمقترضين، ما أدى الى وصول ودائعها الى 172 مليار دولار في نهاية شهر شباط 2019، مشددا على أن هذه الثقة تساعدها في الاستمرار بلعب ثلاث مهام اساسية في الوقت عينه، رغم الوضع الاقتصادي الصعب، وهذا سبب رئيسي وقد يكون الوحيد للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والمالي والنقدي في لبنان. وتتمثل هذه المهام بالتالي:
اولا: تقديم التسليفات الى القطاع الخاص وجميع القطاعات والافراد والاسر، والتي بلغت حتى آخر شباط 57 مليار و400 مليون دولار، وهذا اكبر من حجم الاقتصاد.
ثانيا: المصارف التجارية تحمل 33 مليار دولار سندات خزينة بالليرة اللبنانية والعملات الاجنبية لتغطية العجز بالموازنة العامة، لذا تساهم بشكل مباشر واساسي بتمويل حاجات الدولة.
ثالثا: المصارف تدعم قدرات مصرف لبنان وموجوداته بالعملات الاجنبية من خلال الاحتياطي الالزامي بالليرة والدولار، وكذلك شهادات الايداع التي يصدرها مصرف لبنان وتشتريها المصارف التجارية، ومن خلال الودائع المباشرة بالليرة والدولار التي تضعها المصارف في مصرف لبنان، حيث وصل مجموع ودائع المصارف في المركزي الى 134 مليار دولار بآخر شباط 2019.

من جهة أخرى، اشار غبريل في حديثه لموقعنا، الى ان المصارف التجارية في لبنان هي القطاع "الشبه الوحيد" الذي يدفع ضرائبه وضرائب موظفيه بالكامل، دون أي تهرّب، بعكس ما يحصل في القطاعات الأخرى، خصوصا قطاعات المهن الحرة. وانطلاقا من هذه المعطيات، غمز غبريل الى انه ليس من المنطقي ان تساهم المصارف بـ50 بالمئة من ضريبة الارباح للشركات على الخزينة، بينما حجمها بالاقتصاد فعليا هو 9 بالمئة من الناتج المحلي.

أما عن طلب الدولة بالحصول على مبالغ مالية من المصارف بدون فائدة، لفت غبريل الى انه عام 2002، اي عند انعقاد مؤتمر باريس2، اشترت المصارف 3 مليار و600 مليون دولار سندات خزينة بالليرة اللبنانية، على مدى سنتين وبفائدة صفر بالمئة، وقام مصرف لبنان بعمليات هندسة مالية مع وزارة المالية بقيمة 4 مليار و100 مليون دولار، وهاتين العمليتين ادتا الى تخفيض حجم الدين العام. لكن في المقابل، هذه العمليات كانت من ضمن سلة اصلاحية كاملة وشاملة تعهدت الحكومة والسلطات اللبنانية في مؤتمر باريس 2 بتطبيقها، الا ان الشروط فُرضت على المصارف فقط التي قامت بواجباتها وكانت الوحيدة المساهمة لبنانيا، في حين تقاعست الدولة ولم تطبق اي من الاصلاحات التي وعدت بها، نظرا لصراعات سياسية كانت قائمة آنذاك بين الفرقاء الاساسيين بالبلد.

من هنا، أكد غبريل ان المصارف مستعدة للاستمرار بتحمل مسؤولياتها بهدف الحفاظ على الاستقرار النقدي والاقتصادي والاجتماعي والمالية العامة، شرط ان يسبق هذا الامر تطبيق اصلاحات عملية ملموسة على الارض، تخفض النفقات وتحسن الواردات دون زيادة ضرائب، وكذلك تخفض حجم القطاع العام، لتقتنع المصارف بالمساهمة كي لا تعاد تجربة باريس2 ، وبالتالي منعا لاستغلال استمرار المصارف بتحمل مسؤوليتها ومساهمتها في العملية الاصلاحية دون سواها.

فلم يحن الوقت بعد لتتحمل السلطتين التنفيذية والتشريعية ومعهما الطبقة السياسية بأكملها جزءا من المسؤولية كي ينقذوا وضع البلد اقتصاديا وماليا واجتماعيا؟!

ياسمين بوذياب
الكلمة اونلاين