د. إيلي جرجي الياس - أدولف هتلر في الذاكرة الأميركية الجنوبية !!
شارك هذا الخبر
Sunday, April 14, 2019
في خطوة لافتة للغاية ومعبّرة جدّاً، وفي خضمّ الأزمة السياسية الفنزويلية الطويلة، وفي شهر نيسان 2019، استحضر الرئيس الاشتراكيّ الفنزويليّ نيكولاس مادورو، حقبةً هامّة من تاريخ أميركا الجنوبية والعالم، على ما عرف عن مادورو من دقّة في التعبير والتحليل، فوصف، بشكل محدّد وهادف، نظيره البرازيليّ اليمينيّ المتطرف جايير بولسونارو، وخصمه السياسيّ، بأنه هتلر الأزمنة الحديثة !! ردّ على تهديد مقابل وعنيف من الرئيس البرازيليّ، ولكن إثبات جديد، سبقته الكثير من الإثباتات الخطابية واللغوية، على أنّ الفوهرر أدولف هتلر، حاضر في الذاكرة الأميركية الجنوبية، تماماً كأهمية الوقائع المرجّحة لوجوده وزوجته إيفا براون وفريق عمله الخاصّ في مقرّ إينالكو في باتونيا في الأرجنتين !! من المؤكد، أنّ الفوهرر أدولف هتلر، المعروف أيضاً بالرجل الذئب، قد التزم بالاتفاقية الغامضة والمعقّدة بين الأميركيين والنازيين سنة 1945، التي ساهمت في إنهاء الحرب العالمية الثانية المدمّرة في أوروبا، وفي غضّ نظر أميركيّ مقصود لتسهيل عملية الهروب الكبير، الإسبانية - الأرجنتينية - الفاتيكانية، لأدولف وإيفا الى الأرجنتين !! لم يتعاط هتلر أيّ عمل سياسيّ أو عسكريّ أو أمنيّ علنيّ، بل اكتفى بالاهتمام بعائلته، كما ترغب إيفا وتتمنى !! ولكن في السرّ، أشرف الفوهرر عن بعد على مسارّ المنظومة النازية السرية عبر العالم، وخصوصاً الحراك النازيّ الواسع والجريء في أميركا الجنوبية !! غرقت أميركا الجنوبية، بعد الحرب العالمية الثانية، بفائض من الأزمات السياسية والاقتصادية، وبانتشار الآفات الاجتماعية الكثيرة، ووجود واسع للقادة النازيين على كافة المستويات، الهاربين من ألمانيا وأوروبا، وتمدّد مخيف لكارتلات المخدرات، وبات التحالف بين المنظومة النازية في أميركا الجنوبية وجيشها بقيادة الزعيم النازيّ كلاوس باربي، واتحاد كارتلات المخدرات بقيادة بابلو إسكوبار خصوصاً، والحكومات اليمينية المتطرفة وأجهزتها المخابراتية، في أميركا الجنوبية، تحت الراية الأميركية، أكيداً ووثيقاً وقويّاً، ولو تحت ستار محاربة الشيوعية العالمية واليسار !! فالأميركيون أكثر من يجيد التبرير ويختلق الأعذار !! وفي أكثر من مناسبة، يأتي كبار القادة اليمينيين واليساريين في دول أميركا الجنوبية العديدة، على ذكر الفوهرر أدولف هتلر في معرض هجمات سياسية متبادلة وعنيفة !! وكأنّ هتلر لم يعد بالزعيم النازيّ الألمانيّ أو الأوروبيّ أو العالميّ، بل هو ملك الذاكرة السياسية الأميركية الجنوبية حصراً !! لعلّ الرواية الشعبية عن وجود الفوهرر في الأرجنتين التي تتوارثها الأجيال وتتناقلها الألسن في تلك المنطقة هي جزء أساسيّ من هذه الذاكرة وتكاد تكون مؤكدة لدى شعوب وقادة أميركا الجنوبية !! ويأتي المسارّ البحثي العالميّ عن الهروب الكبير لأدولف وإيفا الى الأرجنتين، وفرضية إريك فراتيني عن الهروب الكبير، وما أقدّمه وسواي من الباحثين من استنتاجات وتحليلات ومقالات، لتؤكد الهواجس كافة : تاريخ الفاشية والنازية والفوهرر، بعد الحرب العالمية الثانية، جزء لا يتجزأ من تاريخ أميركا الجنوبية الحديث والمعاصر !! ومع انهيار المنظومة الشيوعية السوفياتية أواخر ثمانينيات القرن العشرين، ومع الوفاة الطبيعية الهادئة لهتلر في الأرجنتين في الفترة الممتدة بين أواخر سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن العشرين، أخذ الأميركيون متأخرين في محاربة النازية وكارتلات المخدرات في أميركا الجنوبية، فيا للتناقض الأميركيّ في التعاطي السياسيّ والعسكريّ !! وكلّما برز الصراع بين اليسار واليمين في أميركا الجنوبية، تحاول النازية أن تستغلّ الفرصة من جديد !!