خاص ــ الى متى سيبقى الاثراء "مشروعا".. في لبنان؟

  • شارك هذا الخبر
Sunday, March 31, 2019

خاص ــ يارا الهندي

الكلمة أونلاين

قانونٌ يُبرّىء مسؤولي الدولة من أي فساد، ما دامت مواده لا تلزم كل من يتسلّم زمام المسؤولية كشف ما لديه من أموال وممتلكات أمام الرأي العام.
فقانون الاثراء غير المشروع الذي وضع في لبنان كي لا يطبق، والذي قيل انه من يمكّن المواطن اللبناني من أن يسأل "من أين لك هذا"؟ استلزم وجوب تعديلات على مضمونه.
النائب السابق غسان مخيبر الذي عمل على هذا القانون في المجلس النيابي السابق، يعتبر ان قوانين الاثراء غير المشروع وانظمة التصريح عن الذمة المالية هي من أهم اداوت الوقاية من الفساد.
ويشير مخيبر في حديث لموقع الكلمة اونلاين، الى انه في لبنان على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على صياغة قانون الاثراء غير المشروع المتضمن نظام التصريح عن الذمة المالية، يلاحظ انه لم يستعمل مرة واحدة ولم يكن له فاعلية في الوقاية أو حتى في مكافحة الفساد.
وبحسب مخيبر، تم اجراء مراجعة لهذا القانون، فتبين انه من أسوء القوانين على الاطلاق. فنظام التصريح عن الذمة المالية لا يوفر الاهداف التي من أجلها وُضعـ أو حتى قانون الاثراء غير المشروع هو غير قابل للتطبيق.
ويضيف مخيبر، ان هذا القانون يشكل المثال الاوضح لقوانين شكلية موجودة في لبنان في محاولة فاشلة لاقناع اللبنانيين أن لديهم قانون الاثراء، في حين فعليا ليس لديهم شيئا وكأن هذا القانون كُتب لكي لا يطبق.
فعلى سبيل المثال، يستشهد مخيبر بنظام التصريح عن الذمة المالية، الذي يجعل من ما يُصرَح عنه من أموالٍ، غير كافية للدلالة عن كل الذمة المالية لانها تقتصر على الموجودات، دون المداخيل الدورية أو من دون الديون.
كما ان هذه التصاريح، بحسب مخيبر، توضع جميعها في ظروف مختومة ثم تودع لدى المصرف المركزي، وقد أحصيت مع المصرف المصرف المركزي هذه التصاريح وتبين ان عددها يناهز الـ 64 الف تصريح لم يُفتح منها واحد. ولا يمكن لأحد أن يعلم اذا كان في هذا الظرف تصريح ام لا.
فبدا للمشرعين ان هذا النظام غير صالح بالكامل كما ان الاسوء في قانون الاثراء غير المشروع، لكون تعريف الجرم الوارد في القانون اللبناني ليس هو التعريف المتعارف عليه للاثراء غير المشروع. فالقانون اللبناني يشير الى الجرائم الاصلية وليس للاثراء غير المشؤوع ويقول: "ان الاثراء غير المشروع ناتج عن جرائم الرشوى او صرف النفوذ"، ما يجعل من تطبيق هذا القانون شبه مستحيل لاثبات الجريمة الاصلية كما انه يشير الى عناصر جرمية لا عقوبة لها على الاطلاق وهذه من عجائب القانونية في التشريع اللبناني وكأنه لدينا جريمة من دون عقاب محدد في القانون.
ويكمل مخيبر، ان الادعاء بجرم الاثراء غير المشروع يلزم من يدعي على ايداع كفالة مالية باهظة تصل الى الـ25 مليون ومن ثم 200 مليون في حال لم يثبت الجرم على المدعى عليه.
لجنة الادارة والعدل بدأت منذ 5 سنوات ورشة لاعادة كتابة هذا القانون برمته، وعملت اللجنة على تحليل هذا القانون وسد الثغرات التي قد تواجه تطبيقه، ليتم انتاج نص جديد للتصريح عن الذمة المالية والاثراء غير المشؤوع وقد أقر هذا الاقتراح في لجنة الادارة والعدل مند أكثر من سنة ونصف ليحال من ثم الى لجنة المال والموازنة حيث ينتظر اقراره قبل احالته الى الهيئة العامة لمجلس النواب.
اما أبرز التعديلات التي وردت، فكانت في تعديل نظام ما يصرح عنه من ذمة مالية بحسب مخيبر، وجعل التصريح يقدم الى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، التي أعطي لها الحق بأن تفتح الظروف وتتحقق من صحة التصريحات الواردة فيه دون الوصول الى حد العلنية الكاملة للتصريحات.
وبذلك اعتمد المشرع نظام وسطي ما بين العلنية وسرية التصريحات بحيث أعطي الحق للهيئة الوطنية بالتحقق من صحة هذه التصاريح واتخاذ التدابير في الحالات التي تكون التصريحات كاذبة واحالة الموظفين المعنيين بها الى القضاء المختص اذا توفرت لها القرائن التي تشير الى الادلة اللازمة.
اما الاثراء غير المشروع، فالتعديل الابرز الذي طرأ عليه، هو اعطاء الوصف الحقيقي للجريمة، وأية زيادة في الذمة المالية، لمتولي السلطة لا يمكن ان يبررها بمداخليه العادية.
وقد وضع التعديل الجديد آلية فعالة لملاحقة هذه الجرائم دون الحاجة لايداع كفالات مالية سيما اذا توجهت الشكوى من خلال الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
ويؤكد مخيبر لموقعنا انه من الممكن اقرار هذا القانون في اقل من شهرين او ثلاثة لكون العمل القانوني التأسيسي سبق ان حصل في لجنة الادارة والعدل، ودام 5 سنوات، ويبقى فقط على المجلس النيابي ان يراجع مسار تحضيره واقراره.
فقانون الاثراء غير المشروع الحالي ليس له أي فعالية، ولا يلعب الدور المساهم في مكافحة الفساد، بل هو بمثابة غطاء للطاقم السياسي المستفيد من هذا الوضع.