طفلة "مدمنة" تقفز في النهر... والمصوّر يكمل التصوير!

  • شارك هذا الخبر
Friday, March 29, 2019

تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً صادماً لطفلة سورية تستنشق مادة "الشعلة" قبل أن تلقي بنفسها في نهر بردى وسط دمشق.

وظهرت الطفلة بالقرب من وزارة السياحة التابعة للنظام، والتي تبث طوال الوقت إعلانات عن جمال الحياة في سوريا بعد نهاية الحرب، وبدت عليها آثار الغياب عن الوعي، نتيجة الإدمان على شم المادة اللاصقة، في مشهد يبرز التناقضات الحالية في سوريا الأسد، من الناحية الإنسانية والاجتماعية، والتي يحاول النظام طمسها والتعتيم عليها.

ولم تعرف هوية مصور المقطع، الذي وصفته التعليقات باللا-إنسانية، نتيجة أسلوب التحقيق المخابراتي مع الطفلة، وعدم تمويه وجهها، ثم التنمر عليها، ورمي كيس الشعلة من يدها إلى النهر لترمي بنفسها وراءه، والاستمرار في تصويرها بدل مساعدتها.

وقال ناشطون معارضون أن المقطع صوره أحد مصوري قناة "سما" شبه الرسمية، لكن ناشطين موالين هاجموا المصور لأنه غير محترف ومن المواطنين العاديين الباحثين عن الشهرة، وقالوا أنه هدفه الإنساني لمساعدة الطفلة أعطى مجالاً للمنتقدين لشتيمة الدولة السورية! وأنه كان يجب عليه الاتصال بجهات مختصة أو محترفة في الإعلام من أجل التعاطي مع مثل هذه القضية الحساسة، حسب وصفهم.

وبغض النظر عن هوية المصور، كانت هوية منقذ الطفلة من النهر غامضة أيضاً، وبرزت الصفحات الموالية في استغلالها للقضية، لتلميع صورة جيش النظام السوري، فبعد ساعات من الحديث عن إنقاذ المواطنين الموجودين في المنطقة، للطفلة، نشرت صفحات موالية، مثل "مراسلون سوريون" وغيرها، معلومات أن منقذ الطفلة هو أحد جرحى جيش النظام.

و"الشعلة" هي مادة لاصقة وسامة ذات رائحة قوية، ويعد شمها بديلاً رخيصاً عن تعاطي المخدرات وحبوب المهدئات العصبية، ويندرج الإدمان عليها ضمن الإدمان على المواد الكيماوية، وباتت صور الأطفال المدمنين عليها منتشرة خلال الأعوام القليلة الماضية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي المقطع يسأل المصور الطفلة من أين تنحدر، لتقول أنها من حي الشاغور، وأن والدتها متوفاة ووالدها في السجن. ثم ألقت الطفلة بنفسها في النهر قبل أن ينقذها أحد الأشخاص في المكان. بينما أعرب معلقون في "فايسبوك" و"تويتر" عن استيائهم لما وصل إليه حال الطفلة السورية، مؤكدين أنه ربما كانت تلقى مصرعها لو لم يتدخل أحد لإنقاذها، فيما اعتبرها آخرون مثالاً لما وصل إليه الوضع في سوريا.

وسارعت وسائل إعلام موالية لتمييع الموضوع وتبرئة "الدولة السورية"، حيث ألقى البعض باللوم على الأطفال وأهلهم في انتشار مثل هذه الظاهرة، بينما قال آخرون أن أصل المشكلة يعود لعصابات استغلال الأطفال من أجل التسول، فيما نقلت صفحات موالية عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن الوزارة "استنفرت" من أجل العثور على الطفلة و"قمع" ظاهرة التسول والإدمان على الشعلة، حسب وصفهم.

هذا الموقف من الإعلام السوري ليس جديداً، فقبل أسابيع انتشر مقطع فيديو استضاف فيه التلفزيون السوري طفلاً مدمناً على الشعلة، وتمت معاملته على الهواء كالمجرمين، في برنامج "الشرطة في خدمة الشعب".

ويجب القول أن المشهد القاسي يظهر بوضوح الانهيار الاجتماعي في سوريا التي مزقتها الحرب، فإلى جانب الأطفال المشردين الذين يتسولون في الشوارع والذين تتكرر صورهم بكثافة خلال السنوات الماضية، ازدادت نسبة الطلاق حسبما تشير تقارير ذات صلة بسبب الحرب التي فرقت العائلات. كما تغيرت ديموغرافية المجتمع مع تهجير ملايين المواطنين السنة تحديداً من البلاد، وعدم رغبة النظام في عودتهم، وترهيبهم في البروباغندا الرسمية، سواء بالاعتقال أو التجنيد، كحالة الأطفال في الداخل السوري تماماً.

وأشارت تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" في وقت سابق من العام الماضيي، إلى أن أطفال سوريا الذين نشأوا خلال الحرب يعانون من الإصابات الجسدية ومن سوء التغذية فضلاً عن الصدمات النفسية. ولا يبدو هناك أي بارقة أمل لتحسن أحوالهم". ويواجه أولئك الأطفال تهديدات بانتهاكات متزايدة بما في ذلك العمل القسري والزواج الإجباري وندرة الغذاء والحد الأدنى من الوصول إلى الصحة أو التعليم، وصولاً لمشاكل الإدمان والتشرد.




المدن