خاص- قاعدة "الجبهة الشعبية" في الناعمة: أي مبرر لبقائها؟

  • شارك هذا الخبر
Thursday, March 28, 2019

خاص- الكلمة أون لاين

ضحى العريضي

"السلاح الفلسطيني خارج المخيمات" واحد من العناوين الخلافية الكثير في لبنان، حيث الانقسام السياسي حادّ إلى درجة التناقض التام في النظرة إلى قضايا مصيرية. البعض يعتبر السلاح الفلسطيني "ضرورة وحاجة" في ظل الصراع العربي - الاسرائيلي ومعظم أصحاب هذا الرأي من المؤمنين بوحدة الصراع في كل الساحات خدمة للقضية الأمّ، أي فلسطين. في المقابل، يرى كثيرون أن أي سلاح خارج الشرعية اللبنانية، وخاصة الفلسطيني منه، لا يعدو كونه انتهاكا للسيادة الوطنية وخطرا على الأمن.

في لبنان، وبالإضافة إلى مخيمات اللاجئين التي تضم مدنيين وتنظيمات مسلحة، يوجد عدد من القواعد العسكرية التابعة لفصائل فلسطينية وهي نقاط عسكرية بحتة. وتدور نقاط استفهام كثيرة حول هذه الأخيرة، فما هو دورها، وأي أهداف لها، واستطرادا ما هو مبرر بقائها؟

"الجهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة" تمتلك قاعدتين أساسيّتين خارج المخيمات، إحداهما موجودة في قوسايا على الحدود اللبنانية ـ السورية والأخرى في الناعمة بساحل الشوف وهي تمتدّ إلى أطراف عدد من القرى المجاورة، كالدامور وبعورته.

قد يقول البعض ان دور قاعدة قوسايا أساسي من المنظور الاستراتيجي، تحديدا لناحية الارتباط بسوريا وخاصة في ظل الأزمة المستمرة منذ 2011 هناك، لكن آخرين يطرحون سؤالا يعتبرونه مشروعا حول جدوى بقاء قاعدة "الجبهة" في الناعمة.

مع الإشارة إلى أن هذا السؤال لا ينفي الأهمية الاستراتيجية للموقع، فهو مطلّ على مطار بيروت وأتوستراد الجنوب وطريق الشوف، ويحتوي انفاقا يُعرف أين تبدأ لكن لا يُعرف أين تنتهي، كما أنه مجهّز بأسلاك من الحديد ولا يسهل الدخول إليه، هذا دون أن ننسى تعرّضه المتكرر لغارات إسرائيلية على مدى سنوات، أحدثت رعبا في صفوف أهالي المنطقة.

وبالتالي، ينظر البعض إلى قاعدة "الناعمة" كـ"جزيرة معزولة خارجة عن سلطة الدولة" رغم أنها محاطة بمراكز للجيش اللبناني من جميع الجهات. ولا يخفي الكثير من سكان المنطقة المجاورة للموقع، عدم ارتياحهم لهذا الوجود وحتى خشيتهم من هذه "البؤرة الأمنية المزعجة"، كما يصفونها، على تخوم منازلهم وأراضيهم، خاصة وأنها نقطة "عسكرية بامتياز" ولا عائلات فيها.

ويقدّر هؤلاء عدد المسلحين المتواجدين في الموقع بـ200 عنصر كحدّ أقصى. لكن، ورغم انزعاجهم، يقرّ السكان بأن هؤلاء المسلحين لم يتعرضوا لأحد، سيّما وأن دخولهم وخروجهم يمرّ عبر حواجز الجيش، إلا أنهم يشكلون "حالة غير مستقرة" بالنسبة للبعض، كونهم غير قادرين على الوصول الى اراضيهم واستثمارها، بشكل أساسي.

ويروي أحد سكان الدامور أنهم قبل سنوات لم يكونوا قادرين على الوصول إلى المدافن دون "إذن" من القيّمين على "القاعدة العسكرية"، لكن وبالتعاون مع الجيش تم التوصل إلى حلّ جزئي قضى ببناء حائط على تخوم الموقع، ما سمح لمعظم أهالي البلدة بالوصول إلى المدافن والأراضي بحريّة، فيما ما زال آخرون يفتقرون إلى هذه "التسهيلات" بسبب تداخل أراضيهم مع "المخيّم".

ومن بين هذه الأراضي أيضاً، عقار يعود لدير مار جرجس في وادي الناعمة، حيث يقال ان أنفاقا للجبهة الشعبية تمرّ فيه.

من جانب آخر، يحذّر سكان المنطقة من خطورة موقع "المخيم" على مطار بيروت، ولا يستبعدون أن يتمّ "استعمال" هؤلاء المسلحين في مرحلة ما لإيصال رسائل سياسية، رغم أن "القاعدة" تحت نظر الجيش ومرماه.

رئيس بلدية الناعمة شربل مطر يكشف من جهته، في حديث لموقعنا عن مساع كبيرة بذلت لإزالة المخيم من الناعمة لكن دون جدوى، ولم يخف عتبه على نواب المنطقة، قائلا "ان أحدا منهم لم يحرّك ساكنا" في هذا المجال. ولفت إلى الأضرار الكثيرة التي نتجت عن وجود هذه القاعدة العسكرية في المنطقة، سواء لجهة القصف الإسرائيلي المتكرر لها والذي جرّ مصائب على المنطقة والسكان، أو لجهة الوضع الاقتصادي، حيث كانت الناعمة منطقة صناعية بامتياز، الا ان وجود "المخيم" أقفل المصانع والمؤسسات.

وفيما أثنى مطر على دور الجيش في "تطويق" القاعدة العسكرية هذه، فهو أقرّ في الوقت عينه بأن قدرة المؤسسة العسكرية على إزالتها تتعدى الجانب اللوجستي إلى "القرار السياسي".

هذا "الانزعاج" الكبير من وجود "مخيم الناعمة" لن يتخطى حدود الاعتراض الشفهي، على ما يبدو، فالمعترضون على وجود هذه النقطة العسكرية يعرفون بأن الموضوع "سياسي" بامتياز ولا يحلّ من خلال تحركات شعبية، فلـ"الجبهة" ارتباطات وتحالفات داخلية وخارجية، وأي تغيير في هذا الواقع يتطلب قرارا استراتيجيا، حتى ان البعض يذهب إلى حدّ اعتبار أن إزالة "المخيم" هو أحد بنود "حلّ سياسي شامل" في لبنان والمنطقة.

ويغمز هؤلاء من قناة علاقة "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" بـ "محور المقاومة"، وبالتالي ارتباطها عضوياً بمكوناته، سواء داخليا عبر حزب الله و"سرايا المقاومة" أو خارجيا مع سوريا وحتى إيران.

إذاً، عوامل عدة تتداخل في مسألة وجود هذه القاعدة العسكرية في الناعمة، بين لبنانيّة وإقليمية ودولية، وحتّى يحين موعد الحلّ السياسي ستبقى أمراً واقعاً في منطقة لا يمكن اعتبارها "صديقة"، إذا صحّ التعبير.