الروبل الروسي يتخلص من أعراض تقلبات النفط

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, March 19, 2019



أظهرت تقارير حديثة أن الروبل الروسي نجح أخيراً إلى حد بعيد في التخلص من هيمنة سعر وتقلب النفط على أدائه، فيما وصف وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك الوضع في مجال العرض والطلب في أسواق النفط العالمية بأنه «متوازن» و«مستقر»، لكنه أشار إلى «عدم استقرار بما فيه الكفاية» بشكل عام في السوق، نتيجة التطورات في المشهد الجيوسياسي.

وفي تصريحات لوسائل إعلام روسية يوم أمس، قال نوفاك: «إن الوضع غير مستقر بما فيه الكفاية، نظراً لعدم الوضوح في عدد كبير من العوامل التي تؤثر اليوم على السوق»، موضحاً أن الحديث يدور حول عوامل مثل «العقوبات ضد إيران وفنزويلا، والوضع في البلدين، فضلاً عن الوضع في دول نفطية مثل ليبيا ونيجيريا»، وشبه هذا كله بـ«بجعات سوداء» حذر من أنها «يمكن أن تُحدث تغيرات جدية» على الوضع في سوق النفط العالمية.

وفي وقت سابق، على هامش مشاركته في اجتماع في العاصمة الأذرية باكو، عبر نوفاك عن ثقته بإمكانية تحقيق الاستقرار طويل الأجل في سوق النفط العالمية، وقال إن المهمة الرئيسية لمنتجي النفط الحفاظ على قدرة الاستجابة الفعالة للظروف المتغيرة في السوق.

وفي شأن متصل، كشفت بيانات مركز إدارة مجمع الطاقة الروسي عن تقليص روسيا إنتاجها اليومي في النصف الأول من مارس (آذار) الجاري حتى 11.317 مليون برميل يومياً، أي أقل بـ20 ألف برميل، مقارنة بمستوى الإنتاج نهاية فبراير (شباط) الماضي، حيث كان حجم الإنتاج 11.337 مليون برميل يومياً. وفي إطار اتفاقية «أوبك +»، وافقت روسيا على تقليص إنتاجها في النصف الأول من عام 2019 بقدر 228 ألف برميل يومياً، عن مستوى الإنتاج في أكتوبر (تشرين الأول) 2018. وكان حجم الإنتاج حينها 11.421 برميل يومياً، مما يعني أن روسيا تمكنت حتى الآن من تقليص الإنتاج بقدر 104 آلاف برميل يومياً.

إلى ذلك، يبقى تأثير تقلبات أسعار النفط في السوق العالمية على سعر الروبل، وعلى الاقتصاد الروسي بشكل عام، موضوعاً رئيسياً يثير اهتمام المراقبين والمؤسسات المالية. وحاول المحللون من وكالة «ستاندرد أند بورز» الإجابة عن سؤال: «هل تحررت روسيا من الاعتماد النفطي أم لا؟». وبعد مراجعة البيانات والمعطيات والظروف ذات الصلة، خلصوا إلى استنتاج مفاده أن «ارتباط الظروف الاقتصادية والمالية الداخلية في روسيا بتقلبات أسعار النفط، تراجع»، بينما «تحطم على ما يبدو ارتباط سعر صرف الروبل الروسي بأسعار النفط في السوق العالمية».

ولتوضيح استنتاجاتهم تلك، يشير المحللون إلى أنه، رغم ارتفاع سعر البرميل خام «أورالس» بنسبة 20 في المائة، منذ أبريل (نيسان) حتى سبتمبر (أيلول) 2018، فإن خسائر الروبل، وتراجع قيمته خلال الفترة ذاتها، لم تتجاوز نسبة 13 في المائة.

فضلاً عن ذلك، فإن ارتفاع أسعار النفط خلال عام 2018 بنسبة 30 في المائة بشكل عام لم يؤثر على تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي في روسيا، وكان لافتاً أن ترافق ذلك الارتفاع مع تباطؤ نمو الطلب الداخلي، وزيادة الصادرات بما لا يقل عن 4 في المائة، علماً بأن ارتفاع أسعار النفط حتى تلك المستويات في السنوات السابقة كان يؤدي إلى نمو الطلب الداخلي بنسبة 8 - 9 في المائة، مع زيادة كبيرة في الصادرات. أما الروبل، فكان سعر صرفه يرتفع مع ارتفاع أسعار النفط، ويهبط مع هبوطها.

وبناء عليه، ترى الوكالة أن تراجع سعر صرف الروبل، رغم ارتفاع أسعار النفط خلال الجزء الأكبر من عام 2018، عامل رئيسي يشير إلى «تعافي» الاقتصاد الروسي، وتراجع ارتباطه بتقلبات «البرميل».

ويحيلون الفضل في ذلك إلى العقوبات الدولية ضد روسيا وقواعد الميزانية، التي ساهمت في التخفيف من ارتباط تدفق رؤوس الأموال، إلى أو خارج السوق الروسية، بالتقلبات في أسواق النفط. وضمن هذه الظروف، ومع ارتفاع أسعار النفط، وتراجع سعر صرف الروبل عام 2018، حقق الاقتصاد الروسي فائضاً ثنائياً في الميزانية وفي ميزان المدفوعات. ورغم تراجع تأثير تقلبات أسعار النفط عليه، يبقى الاقتصاد الروسي مرتبطاً هيكلياً، ويعتمد إلى حد كبير على النفط والغاز اللذين يشكلان نحو 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، و45 في المائة من عائدات الميزانية الفيدرالية، ويسيطران على 60 في المائة من أجمالي الصادرات الروسية.

فضلاً عن ذلك، فإن الفائض القياسي في الميزانية الروسية تم تحقيقه بفضل ارتفاع أسعار النفط، وهو ما أكدته الحكومة الروسية في تعديلاتها على الميزانية نهاية عام 2018، حين قالت إن الزيادة في فائض دخل الميزانية يقدر بنحو 1.875 تريليون روبل روسي؛ الحصة الكبرى منها، وتقدر بنحو 1.1 تريليون روبل، جاءت بفضل ارتفاع أسعار النفط التي ساهمت أيضاً في زيادة مدخرات صندوق الرفاه الوطني.


الشرق الأوسط