بو عاصي: لعقد اجتماعي بشأن القيم الإنسانية المشتركة لا الخوف

  • شارك هذا الخبر
Monday, March 18, 2019



شدد عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب بيار بو عاصي على ان للإنسان قيمة إنسانية يجب على الدولة احترامها في جميع الظروف لتكون دولة متقدمة، فمهما كانت الثروات الطبيعية أو غير الطبيعية إن لم يكن هناك قيمة للإنسان ستفتقد الدولة كل شيء، كما ان احترام الفرد يجب ألا يكون مشروطا تو متقطعاً فلا يمكن احترامه مرة وانتهاك مرة اخرى.

كلام بو عاصي جاء خلال الحفل الذي نظمت مدرسة الحكمة – برازيليا في بعبدا برئاسة الاب بيار ابو صالح وتخلله "مباراة حقوق الطفل" التي شارك فيها طلاب الصفوف الثانوية برعاية "مؤسسة كمال بطل لحقوق الانسان"، فاعتبر ان محور هذا اللقاء هو معركة الدفاع عن الانسان وحقوقه وقد تكون من المعارك الاهم التي يجب ان نخوضها في الحياة.

وتوقف عند مسيرة "كمال بطل"، لم يكن له شرف معرفته، وقال: "أعلم أنه شخص صالح جدًا، لسبب بسيط هو أن لديه أصدقاء صالحين، والصداقة تستمر إلى ما بعد الحياة المادية، لسبب بسيط هو أنهم يتقاسمون قيماً مشتركة والكلمة التي أحبها كثيراً - عندما أقرأ الإعلان العالمي لحقوق للإنسان - العائلة البشرية. ونحن عائلة، ما الذي يربطنا؟ ليس بالضرورة روابط الدم، ما يربطنا هو مجموعة من القيم التي يجب أن تدير حياتنا، لا القانون القادر على إنهاء حالة الصراع بين أفراد المجتمع، كما قال توماس هوبز".

لعقد اجتماعي حول القيم المشتركة لا الخوف

لفت بو عاصي الى اهمية تأسيس عقد اجتماعي حول القيم المشتركة وليس حول الخوف، حول الأمل، والرجاء، حول مشروع مشترك، يعترف بحق كل انسان بالسعادة، مضيفا: "هناك فيلسوف سياسي آخر هو جون لوك، هو من قدم بعد الثورة الفرنسية فكرة السعادة واعتبر ان مهمة الإنسان الأساسية في حياته هي السعي للسعادة". كما اعتبر ان المسألة لم تعد تهدئة الاوضاع بين مكونات المجتمع، إنما الإقرار بأن الفرد، من خلال المجتمع، يسعى إلى سعادته وازدهاره، وهذا المجتمع الذي يؤمن به يجب ان ينسجم مع قيمه الفردية.

واردف: "ما يعجبني في المسيحية هو أنها تدافع عن هذه القيم، وهي ليست حصرية. يجب ألا يفكر المرء أبدًا في أن الحقيقة حصرية، اذ حالما تصبح حصرية تستبعد الآخر. يجب أن تكون الحقيقة شاملة. يجب أن تدعو الآخر، بالحوار والتبادل إلى اعتناق هذه الحقيقة، أو إيجاد حقيقة مشتركة. ولقاء البابا فرنسيس وشيخ الازهر الاخير في ابو ظبي وثيقة "الأخوة الإنسانية" التي تم التوقيع عليها خلال فعاليات لقاء الأخوة الإنسانية في الامارات مثال على ذلك. إنه ميثاق رائع وتاريخي ومهم جداً شبيه بكتابات جون لوك، وجان جاك روسو، ويستحق حقاً أن يُقرأ."

الركائز الاربع التي تُبنى عليها الإنسانية

تطرق بو عاصي الى معركة حقوق الانسان التي عاشها من موقعه كمواطن أولاً، وكوزير ونائب في البرلمان، مشيرا الى ان حقوق الإنسان هي حق طبيعي وتبدأ بالحق في الأمن الجسدي والسلامة البدنية، وهو أمر مهم جدا. وشدد على ان الركائز الاربع التي يجب ان تُبنى الإنسانية عليها هي: السلامة الجسدية للإنسان، الحياة البشرية، الكرامة الانسانية والحرية، وعليها ان تكون من المحرمات رغم رفضه فكرة المحرمات لانها تحارب الازدهار والإبداع والابتكار. كما شدد على ان تشويه او استبدال هذه الركائز يهدد استقرار المجتمع وتطوره البشري، لافتا الى انه ضد عقوبة الإعدام لأنها تتعدّى على الإنسان، ليس لأن القاضي قد يكون مخطئًا في حكمه، او لان المتهم بريء بل لأنها تخسر الانسان حياته.

وقال: "هناك بلد صغير يوجد فيه 8 ملايين نسمة، ولا توجد لديهم ثروة طبيعية، إضافة إلى أنه لا يملك منفذاً على البحر، اسمه سويسرا، يعيش اهله بكرامة. في وقت هناك بلدان أخرى، تطفو على النفط وتصدر ملايين البراميل ، وتشرف على البحر، ولكن اهلها لا يرغبون في العيش فيها لانها لا تحترم حقوق إنسان."

لوزارة الشؤون الاجتماعية صدقية كبيرة والوزير ليس "باتمان"

بو عاصي شرح دور وزارة الشؤون الاجتماعية في المسائل الاجتماعية، مؤكدا انها تعد جهة فاعلة ذات صدقية لدى الجميع، سواء الجهات الدولية أو لدى الجهات الفاعلة الاجتماعية في لبنان، ولديها رؤية في جميع القضايا وتقوم بعمل رائع في هذا الشأن ولكنه لفت ممازحا الى ان المواطن غالبًا ما يخلط بين وزير الشؤون الاجتماعية و"باتمان".

كما توقف عند موضوع حماية الطفل الذي يجب ان يعيش في مكانه الطبيعي اي مع عائلته لا سيما في حضن والدته من جهة وفي المدرسة من جهة اخرى لان هذه هي المسارات التي يتطور فيها الطفل.

تكرق ايضاً الى ظاهرة "التسول"، لافتا الى انه موضوع معقد للغاية، لأن المكان الطبيعي للطفل هو مع والدته واهله وليس مع وزارة الشؤون الاجتماعية. وميز بين "اطفال الشوارع" الذين لا وجود لهم في لبنان و"الاطفال في الشارع" التي اطلقت "الشؤون" مشروعا يتعلق بهم، متابعاً: "ثمة فئتان: هناك متسول منظّم، وهو أمر فظيع ومعقد للغاية. والفئة الأخرى هم الأشخاص الذين يعيشون في ظروف سيئة والذين يفرون من المدرسة، وينزلون إلى الشوارع، وأحياناً يقومون ببعض التسول، وأحيانًا يتسببون ببعض الأضرار. من أجل هؤلاء الأشخاص، عملنا مع بعض الجمعيات لاعادتهم إلى أمهاتهم، ودراسة ظروف العائلة".

لبنان يجب أن يكون حساساً جداً لحماية الأطفال في النزاعات المسلحة

اما عن "حماية الاطفال في النزاعات المسلحة"، فاشار الى انها أحد المحرّمات في بعض المجتمعات بما في ذلك المجتمع اللبناني ما يجعل المهمة أكثر صعوبة، اذ هناك تحفظ من البعض الذين يسعون للحفاظ على إمكانية استخدام احتياط المحاربين تحت سن الـ18 عاماً، فربما قد يحتاجون إليهم يوماً ما إن لم يكن لديهم عدد كافٍ من المقاتلين.

وذكر بتمثيله لبنان في مؤتمر في باريس حول هذا الموضوع، واشار الى ان لبنان وقع بعد سنة واحدة على الخطة ولكننا لم يوقع على الاتفاقية كدولة لبنانية. لأنه يوجد تحفّظ ولا نضغط بما يكفي على هذا الموضوع، مشددا على ان هذا العمل يتطلب جهدا حقيقياً، وآملا ألا يتجاهل هذا البرلمان الإجراء المحتمل الذي ينتظر لبنان.

اضاف: "نحن أبناء حرب فرضت علينا، عانينا منها كثيراً وكان الوضع صعباً ورهيباً ولا يزال ذلك في الوعي الجماعي. من الواضح أن لبنان يجب أن يكون حساساً جداً لناحية حماية الأطفال في النزاعات المسلحة، خاصة أننا نعيش في خلل سياسي - زلزالي ويجب أن نتذكر ذلك لأنه موضوع معقد للغاية، لا سيما في سياق القضايا المدنية، حتى لا تعيش الأجيال المقبلة كما عاش جيلنا".



أرجوكم لا تجرّبوا المخدّرات

تحدث بو عاصي عن الزواج القسري أو غير القسري وزواج القاصر وهما أيضاً مواضيع معقّدة لأننا في مجتمع مركب، وما يسري على مجتمع لا يسري على مجتمع آخر، لذا في بنية لبنان، هناك حلان: الإقناع والانتصار. وشرح: "يجب أن نعتمد وسيلة الإقناع. ومن أجل إقناع رجل سياسي، يجب أن يكون الشارع مصمماً. هذا ما يجعل الطبقة السياسية تنحني. لهذا السبب يجب أن نحاول بالتأكيد إقناع الجهات السياسية والمجتمعية الفاعلة ورجال الدين أحياناً. ولكن علينا ألا ننسى أننا نعيش في نظام ديمقراطي، نتوجه إلى المواطن لإقناعه بأن يضغط هو بنفسه، فيكون الأمر عملًا سياسيًا وإعلاميًا وخاصة اجتماعياً".

بو عاصي تحدث عن دور الوزارة في الاهتمام بالايتام الذين تأويهم وتهتم بتأمين التعليم لهم وكل الامور الضرورية وذلك على نفقة الوزارة، وكما ترعى النساء المعنّفات والمسنين ومدمني المخدرات.

وتوجه بو عاصي للطلاب، قائلا: "لا تجرّبوا المخدّرات، أرجوكم، أقبّل ايديكم انتم في المرحلة العمرية الاخطر للانجرار نحو المخدرات والانزلاق في دوامة لا تنتهي، فنسبة الشفاء في العالم من هذا الادمان نحو 11%. إننا نتحدّث عن ازدهار الإنسان والطفل والفرد، لماذا يجب أن ينتهي بنا الأمر أن نكون مرتهنين للمخدرات؟ لا يوجد ما يسمى مخدرات لطيفة ومخدرات قاسية أبداً. واثبتت الدراسات ان ليس كل من دخّن سيجارة حشيشة أصبح مدمناً، ولكن جميع المدمنين بدأوا بسيجارة حشيشة. أنتم أملنا واستمرارية هذا المجتمع، أنتم أغلى ما نملكه على الإطلاق".

وعن المسنين، اعتبر ان رعايتهم امر مهم جدا، مشيرا الى ان المسنين هم الشباب والأهل في المستقبل والأجداد اليوم، فمهما اختلف الوضع الاجتماعي والمادي للمواطن الا اننا جميعا سنصبح مسنّين. من هنا تحدث عن اهمية ايلاء المسنين اهتماماً خاصاً إذا كنا نعتبر أنفسنا مجتمعاً دينياً يستحق أن يكون مجتمعاً إنسانياً، وإلا سنكون كالقطيع حيث يكبر الحيوان في السن ويموت، تأتي الحيوانات الأخرى وتأكله.

بو عاصي تطرق الى الإعاقة التي تختلف بين الإعاقة الحركية والسمعية والبصرية والعقلية، واصفا اياهم بـ"قلب الإنسانية". كذلك فسر بو عاصي للطلاب "برنامج دعم الاسر الاكثر فقرا".

ونوه بو عاصي بمؤسسات الرعاية والجمعيات التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية فهي من الأفضل في العالم، وهي موجودة في كل المناطق ومن كل الطوائف كالكفاءات، دار الأيتام الإسلامية، جمعية المبرّات، جمعية العزم، أم النور، مريم ومرتا للنساء والأطفال المعنّفين وغيرها.

واكد اننا متفقون على منظومة القيم، ولكن يجب الاستعداد للدفاع عنها مهما كلّف الأمر، فهي مبنية حول الإنسان، وحياته وكرامته وسلامته وحقه في السعادة وبالتالي بحرّيته ما يتطلب العمل للحفاظ عليها.

وختم متمنيا من الطلاب تكريس وقت للعمل الاجتماعي والتطوع في الجمعيات في المجال الذي يرغبون به.