خاص- بين جنبلاط وتحالف أرسلان - وهاب... من يجتاز الخط الأحمر؟

  • شارك هذا الخبر
Monday, March 11, 2019

خاص - الكلمة أونلاين

ضحى العريضي

لطالما شكّل "الحفاظ على الوجود" هاجساً لمعظم الدروز، في بلد يحكمه "تحالف طوائف" وفق "الصيغة اللبنانية" الشهيرة، بما تتضمنه من شعارات رنانة، دائما ما تثبت هشاشتها عند كل "قطوع" أو هزة، حيث توضع شعارات "العيش الواحد" و"الوحدة الوطنية" على الرفّ وتستحضر "عدّة" الشحن الطائفي والمذهبي. لكن هذا الواقع لا يلغي أن الصراع السياسي في لبنان يرتدي اشكالا مختلفة، مع وجود تحالفات عابرة للطوائف، سواء أكانت مصلحية أومبدئية. وهي تحالفات قد تقسم الطائفة الواحدة.

وبالرغم من تراجع الاصطفاف بين تحالفي 8 و14 آذار بفعل تبدل المعطيات والتحالفات، فإن الخلاف يبدو محتدماً على الساحة الدرزية في هذه الأيام، وإن كان ليس بالجديد. فالانقسام السياسي داخل "الطائفة" ليس خافيا على أحد، ولكن اللافت أن "الخطوط الحمر" التي كان يحاول الجميع الحفاظ عليها، يتمّ تجاوزها.

الخلاف بين "التقدمي الاشتراكي" من جهة وتحالف "الديمقراطي اللبناني" و"التوحيد العربي" من جهة ثانية يسير في خط تصاعدي، وهو يتجسّد بشكل متكرر وبأوجه مختلفة، فالمعارك "التويترية" تكاد تكون يومية بين رؤساء هذه الأحزاب ولغة التخاطب الحادة وصلت إلى درجة قد تكون غير مسبوقة، وبطبيعة الحال هذا الخلاف الكبير ينعكس "توترا" على الأرض وبين المناصرين.

ملفات كثيرة تشكل عناوين خلافية بين الفريقين، سواء لجهة مقاربة الملف السوري من كل جوانبه، او لجهة التحالفات الداخلية، أو حتى لناحية أمور خلافية تخص شؤون الطائفة.

وقد جاءت التعيينات الإدارية والعسكرية لتزيد من حدّة الخلاف، سيما وان من المراكز الأساسية الشاغرة موقع "رئاسة الأركان في الجيش"، الذي يعود بموجب العرف الى الطائفة الدرزية. فمنذ تشكيل الحكومة وبدء التداول بملف التعيينات، لم يخفِ كل من النائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب، رفضهما لما يسميّانه "احتكار" رئيس "التقدمي" لهذه المسألة، وهما لم يكتفيا بالرفض بل ذهبا إلى حد تسمية مرشح في مقابل مرشح وليد جنبلاط.

لكن رغم هذا الرفض، تم التوافق على تعيين العميد أمين العرم رئيسا للأركان، وهو المحسوب على جنبلاط، وتردد أن هذا التعيين أتى تنفيذا لوعد من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لرئيس "التقدمي" بعد لقاء المصالحة بينهما ومع سحب المقعد الدرزي الثالث في الحكومة من حصة جنبلاط.

إذاً، بعد الاتفاق على تعيين العميد العرم، أي موقف لـ"الديمقراطي" و"التوحيد"؟

عضو المجلس السياسي في "الديمقراطي اللبناني" ومدير داخلية الحزب لواء جابر شدد على أن معيار الأقدمية والتراتبية يفرض على الجميع احترام هذا التعيين، وإن كان التوجه السياسي للعرم معروف، كما قال، لكنه لفت في حديث لـ"الكلمة أون لاين" إلى أن العميد سيمثل الموقع الذي سيشغله، وهو بالتالي ليس ملك فئة، مؤكدا في الوقت ذاته أن العرم يتمتع بأخلاقية تمكّنه من التعامل الايجابي مع كل الاطراف.

لكن الموقف من هذا التعيين لا يعني أن "الحزب الديمقرطي اللبناني" راض عن الوضع الداخلي لـ"الطائفة"، وفي السياق يشدد جابر على ضرورة تجاوب جنبلاط مع الدعوات لعقد لقاء درزي عام من أجل درس الامور والتوصل إلى حلول للمشاكل الداخلية، مشيرا في هذا السياق إلى أن أرسلان ناشد جنبلاط أكثر من مرة بهذا الخصوص لكنه لم يلق أي تجاوب.

مقاربة مسؤول العلاقات السياسية والإعلام في "التوحيد العربي" د. هشام الأعور لم تكن بعيدة عن موقف مسؤول "الديمقراطي"، فهو، في موضوع رئاسة الأركان يشدد على أن "الأساس هو القانون والاختصاص والكفاءة، وما دامت هذه الصفات متوفرة بالعميد العرم فنحن راضون شرط ان يكون هذا المعيار (الأقدمية والكفاءة) معيارا شاملا ويتم تطبيقه بشكل دائم ولا يؤخذ الأمر "على القطعة" بل ان يتم تطبيقه بشكل دائم"، كما أوضح.

هذا المعيار هو الذي جعل وهاب يتراجع عن موقفه السابق لجهة رفض وصول من يسمّيه جنبلاط إلى رئاسة الأركان، يؤكد الأعور لموقعنا، موضحا أن المشهد اختلف هذه المرة فـ"الاحادية كانت دائما تعتبر ان حصة الدروز محصورة بها لكن اليوم وفي ظل المشهد الجديد داخل الطائفة، ظهر الحجم الحقيقي لكل فئة بعد الانتخابات، وما تبعها من تقارب بين وهاب وارسلان"، وهو في هذا السياق يشدد على أن هناك اقطاب سياسية في الجبل، غير جنبلاط، لها حيثيها وتمثيلها السياسي او النيابي او الوزاري وبالتالي لها الحق بلعب الدور الذي تستحقّه، لكنه لم ينكر أن "الاحجام مختلفة".

غير أن الأعور رفض مقاربة الخلاف داخل الطائفة من منطلق "جبهة مقابل جبهة"، رغم الانقسام السياسي، فـ"نحن لا نسعى لتغيير مبادئ احد ولكننا نرفض الاستئثار"، على حد تعبيره.

على الضفة المقابلة، قللت مصادر "الإشتراكي" من أهمية الجدل الدائر في هذا المجال، وشددت على أن معيار التعيين في رئاسة الأركان هو الأقدمية والتراتبية العسكرية، وهو ما ينطبق على العميد العرم. ولم تنكر المصادر في حديث لموقعنا أن اتفاقا مع الرئيس عون لعب دورا في هذا المجال.

من جهة ثانية، شددت المصادر على أن "الإشتراكي" حريص على أمن الجبل والمصالحة، مشيرة إلى أن "بعض القوى تحاول ان ان تحجز لنفسها موقعا في ظل الوضع الحالي، لكنها ستدفع الثمن من رصيدها الشعبي".

تجدر الإشارة إلى أنه كان يُتوقع تعيين العميد امين العرم في جلسة مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، لكن تم تأجيل بند تعيينات المجلس العسكري، باتفاق بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري كما تردّد .


الكلمة اونلاين