ريمون شاكر - 2018 كانت سنة لئيمة.. كيف ستكون الـ 2019؟

  • شارك هذا الخبر
Monday, January 14, 2019


عشرة أحداث داخلية مهمّة جعلت من سنة 2018 سنة حزينة ومُقلقة ومُكلفة على كل الصّعد. بدأت بسجال حول مرسوم ضباط دورة 1994 وتـمسُّك رئيس مـجلس النواب نبيه بري بتوقيع وزير الـمال علي حسن خليل على مرسوم ترقية الضباط..

ثـمّ توتّرت الأجواء بيـن «حركة أمل» و «التيار الوطنـي الـحر» على خلفيّة وصف الوزير جبـران باسيل الرئيس بري بـ«البلطجـي»، فنزل مناصرو «أمل» إلى الشوارع وأحرقوا الإطارات وطوّقوا الـمركز الرئيسي لـ«التيار» فـي منطقة الشالوحي ورشقوه بالحجارة.

وفـي ملفّ بواخر الكهرباء، رفض «حزب الله» و «حركة أمل» و«التقدّمي الإشتـراكي» و«القوات اللبنانية» إستقدامَ البواخر، فأعلن الوزير باسيل أنّ الوزير علي حسن خليل هو مَن عرقل مشروع تأميـن الكهرباء عام 2015 بتعطيل مشروع معمل دير عمار.

وصرّح الدكتور سـميـر جعجع: «هناك معادلة إمّا بواخر أو لا كهرباء وذلك لغاية فـي نفس يعقوب». فتوتّرت العلاقات بيـن «التيار» و«أمل» وبيـن «التيار» و«القوات».

ثـم جرت الإنتخابات النيابية بقانون هجيـن سُـمّي «نسـبـيّـة» وفُصِّل على قياس البعض مُعتمداً «الصوت التفضيلي» تارةً فـي القضاء وطوراً فـي الدائرة الكبـرى، وقُسّمت الدوائر بطريقة إستنسابـيّـة ليُكرّس غلبة فريق على فريق، من دون أن يؤمّن الــتمثيل الصحيح ولا عدالة التـمثيل لكل فئات الشعب. فاقتـرع 49% فقط من الناخبيـن، وهناك 40 نائباً مطعون بنيابتـهم أمام مـجلس الشورى.

وفـي 24 أيار كُلِّف الرئيس سعد الـحريري تشكيل الـحكومة، وبدأت جُلجلة التأليف تتوالـى، من عقدة «القوات»، إلى عقدة «الإشتـراكي»، إلى عقدة «التيار» وحصّة رئيس الـجمهورية، إلى عقدة سنّة 8 آذار واعتبار رئيس الـجمهورية الإصرار على تـمثيلهم فـي الـحكومة «تكتكة سياسية»، ووقوف السيد حسن نصر الله إلى جانب مطلبهم حتـى «قيام الساعة»، إلى نشوء حرب صلاحيات بيـن رئيس الـجمهورية ورئيس الـحكومة واتـهام الـحريري بأنه يـحاول إجهاض نتائج الإنتخابات.

وإذ بالرئيس بري يعتـرف: «هناك مَن لا يريد للحكومة أن تولد والـموضوع أكبـر من حقائب وحصص»، ورئيس الجمهورية يصل إلى إستنتاج: «هناك مَن يريد تغييـر التقاليد والأعراف».

ثـمانية أشهر مضت وشدّ الـحبال وعضّ الأصابع والتنافس على تقاسـم الـجبنة لـم يتوقّف، ما أرهق البلاد وأوصلها إلى حافة الإنـهيار. 2200 مؤسّـسة أقفلت أبوابـها، 32000 شاب غادروا البلاد من دون رجعة، البطالة تـخطّت الـ%36، %30 من اللبنانيـيــن يعيشون تـحت خطّ الفقر.

بلغ عجز الـموازنة ما يقارب الـ 6 مليارات دولار، وإجـمالـي الدين العام تـخطّى الـ 85 مليار دولار، وتستهلك خدمة الدين العام %50 من موارد الـحكومة، فيما النـموّ لا يتعدّى %1.

ومـن إنـجازات الـ2018 التـي لا تُـنـتـسى، مرسوم التـجنيس، الذي لـم يُعرَف حتـى الساعة «مَن هي أمّه ومَن هو أبوه»، فيعتبـره البطريرك الـمارونـي مـخالفاً للدستور، و«الإشتـراكي» يقدّم طعناً بالـمرسوم أمام شورى الدولة مُطالباً بإبطاله، فتكبـر الـمشادّات بيـن «التيار» و«الإشتـراكي».

بعد ثلاثة أعوام على ورقة «إعلان النيات» وعاميـن على «تفاهم معراب» بيـن «التيار الوطنـي الـحر» و»القوات اللبنانية»، أعلن «التيار» سقوط «تفاهم معراب»، وقال رئيسه الوزير جبـران باسيل «هناك إتفاق سياسي لـم يعد قائـماً، وقطع بكلامه الطريق على الكلام الذي رافق عملية تأليف الـحكومة منذ البداية من أنّ هناك ثنائية مسيحية تتقاسـم الـمقاعد الوزارية، بـحسب بنود هذا التفاهم. فتكشف «القوات» الشقّ السياسي من الوثيقة السرية، ويطيـر شعار «أوعا خيّك» ويتكرّس الـخلاف من جديد بيـن طرفَـي الإتفاق.

وفـي ملفّ النازحيـن السوريـيـن، لـم تأخذ الـمبادرة الروسية طريقها نـحو الإنطلاقة الفعلية، والرئيس ميشال عون يتـّهم الأمـم الـمتحدة بأنـها تضع العوائق أمام العودة الطوعية للنازحيــن.

أمّا الـحدث الأبرز على الصعيد الأمنـيّ فكان ما جرى فـي الـجاهلية من تـحدٍّ فادح وفاضح للسلطة ومؤسّـساتـها، إذ لـم تتمكّن هذه السلطة من الدفاع عن نفسها ومن حلّ عقد عجزها عن مواجهة سلاح منتشر بكثافة بيـن أيدي بعض الـخارجيـن عن القانون الـمحميـّيـن.

فـي الـجاهلية سقطت الدولة اللبنانية وفقدت هيبتها، والناس فـي حيـرة: ما هي الأسباب التـي توجب السكوت عن حـمل السلاح غيـر الشرعي؟ ولـماذا لا تتـمّ ملاحقة حاملي السلاح وأبطال العراضات العسكرية؟

وفيـما يتلهّى الداخل اللبنانـي بـحروب سياسية صغيـرة وتافهة، ويتناتش السياسيون الـمقاعد الوزارية بـجشع وطمع ولا مسؤولية غيـر آبـهيـن بـمصيـر البلاد وحياة الناس ومعيشتـهم، يـتحرّك العدوّ الإسرائيلي على الـحدود زاعماً إكتشافه أنفاقاً لـ«حزب الله»، متـربّصاً شراً بلبنان ومـهدِّداً بـحرب مدمّرة.

مع بداية العام الـجديد، وفـي ظلّ الـتخبّط الأميـركي فـي اليـمن والعراق وسوريا، وتناقض مواقف الرئيس الأميـركي دونالد ترامب فـي الشأن السوري، تارةً بالإنسحاب وطوراً بعدم الإنسحاب، وتـخلّيه عن الإتفاق النووي مع إيران وفارِضاً العقوبات عليها وعلى «حزب الله»، وفي الوقت نفسه فرض تفاهم سعودي - إيرانـي على إنـهاء الـحرب باليـمن، والسماح لدول الـخليج بالعودة إلى سوريا لإعادة إعمارها.. تعيش دول الـمنطقة حالة من إنعدام الوزن.

وبـحكم الواقع اللبنانـي الـمشرذَم، سيتأثّـر لبنان بـجميع التطورات الـمنتظرة فـي ظلّ إختلال التوازن الإقليـمي والداخلي، وتكثـر تساؤلاتُ اللبنانيـيـن عن مصيـر وطنهـم وحياتـهم ومستقبلهم.

هل ستشهد الساحة اللبنانية هدوءاً سياسياً وتوافقاً على حكومة، وعلى خطّة إقتصادية تُنقذ البلد من الإنـهيار؟

إنّ التـحدّيات التـي تواجه البلد الصغيـر كثيـرة ومتشعّبة، بدءاً بـمصيـر التسوية الرئاسية والإستقرار السياسي والأمنـي والإقتصادي والإجتماعي، وصولاً إلى الـملفّات الشائكة مثل عودة النازحيـن السوريـيـن إلى بلادهم، وتطبيع العلاقات مع النظام السوري، وأحكام الـمحكمة الدولية، والإستـراتيجية الدفاعية، وتطبيق إصلاحات مؤتـمر «سيدر» وخطة «ماكينـزي».

فـهل ستكون الـحكومة الـمُنتظرة، إذا ما سـُمح لـها بالولادة، على مستوى هذه التـحدّيات؟ أم أنّ لبنان أصبح وطناً غيـر قابل للـحياة؟