محمد يوسف بيضون - هل إنّ لبنان دولة ديمقراطية برلمانية فعلاً؟

  • شارك هذا الخبر
Monday, January 14, 2019


الدولة التي تفتقر مجالسها النيابية (أو التمثيلية) إلى المعارضة بمعناها القانوني والدستوري ليست في اعتقادي دولة تمارس النظام الديمقراطي البرلماني.
شرط كل نظام برلماني ديمقراطي أن يتكوّن مجلسه من فريقين، أحدهما موال للحاكم، والآخر معارض له، والإثنان يشكلان بأعضائهما أكثرية المجلس.
في هذا النظام ينتقل الحكم من فريق الى آخر، تبعاً لما تظهره نتائج الانتخابات، كحائز أكثرية أعضاء المجلس، ومن ثم الى نيله ثقته. ليس من الضروري ان تتكوّن المعارضة من حزب واحد او تيار واحد، فقد رأيناها تتكوّن احياناً من ائتلاف يضم نواباً او كتلاً حزبية او ائتلافية تعارض الحكومة من منطلقات مختلفة وتستطيع اسقاط الحكومة او دفعها الى الاستقالة. هذا المشهد رأيناه بأم العين. وفي اعتقادي بأنّه إذا أُريد للبنان أن ينمو ويتقدّم ويستقر، فما عليه إلا ان يحافظ على نمط حياته السياسية الراهنة، وأن يقوّي روابط المواطنية بين مختلف فئاته، ودائماً مع الاحتفاظ بحياده بين دول المنطقة اولاً، وبين القوى الكبرى السائدة في العالم.
في لبنان، لم نر معارضة نيابية منبثقة من معارضة شعبية. إنّ كل ما تحقّق فيه إجمالاً في هذا الشأن هو التقاء أعضاء من المجلس النيابي على تفاهم معيّن لقضايا دائرتهم. المعارضة التي تستحق فعلاً هذه التسمية رأيناها في السبعينات، وكان إسمها الجبهة الاشتراكية. ما زلت أذكر من أعضائها النوّاب الى جانب كمال جنبلاط، كميل شمعون، بيار إده، عبدالله الحاج، ديكران ترسبات. فقد تمكّنت هذه الجبهة من أن تُسقِط عهد رئيس الجمهورية آنذاك الشيخ بشارة خليل الخوري، الذي أساء إليه إبنه خليل وأخوه الشيخ سليم الخوري، اللذان شوّها عهده، لكثرة تدخلهما في الشأن العام دون وجه حق، الأمر الذي أغضب الشعب، وجعله مؤيّداً لكميل شمعون وكمال جنبلاط وأعضاء كتلتيهما. وما حدث في هذا الشأن شكّل فعلاً عملية ديمقراطية بامتياز، فبها قوي نظامنا الديمقراطي البرلماني وجعله يصمد في وجه مختلف التحديات الداخلية منها والخارجية.
لبنان يعيش اليوم دون حكومة. حكومته قد استقالت، والمكلف تأليف الحكومة هو سعد الحريري، الذي لم ينجح بعد في إخراجها الى النور. ينجح او لا ينجح هو أمر آخر.
وإلى ذاك اليوم، يبقى لبنان دولة ديمقراطية برلمانية.