فورين بوليسي- تحديات ماكرون في سوريا أكبر من قدرته على مواجهتها

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, December 25, 2018

جاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب جميع القوات البرية الأمريكية من سوريا، بمثابة هدية العام الجديد لحكام مستبدين ومجرمي حرب في موسكو وطهران. ولم تهدد خطوة ترامب الأحادية بتقييد أيدي حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، وخاصة الإسرائيليين والأكراد فحسب، ولكنها ستقيد أيضاً أيدي حلفاء أمريكا الغربيين الساعين لمواصلة الحرب ضد داعش.

وحسب ما كتب روبرت زاريتسكي، أستاذ التاريخ لدى جامعة هوستون أونورز في"فورين بوليسي"، لم يكن رد الفعل على قرار ترامب أسرع وأكثر حدة مما كان عليه في باريس.
وسارع وزراء بارزون في حكومات حليفة لأمريكا إلى رفض زعمه بإنجاز المهمة الأمريكية في سوريا، تقويض داعش. وفي سلسلة من التغريدات، قالت فلورنس بارلي، وزيرة الدفاع الفرنسية، إن داعش تلقى ضربات موجعة من قوات التحالف، لكنه لم يهزم بالكامل. وكتبت: "لم يمح داعش من الخريطة، ما زالت جذوره ظاهرة. ومن الضروري القضاء على ما تبقى من جيوب التنظيم الإرهابي".

وفي لقاء إذاعي، رددت ناتالي لويسو، وزيرة الشؤون الأوروبية في الحكومة الفرنسية، صدى تحذيرات بارلي، فقالت: "رغم مكاسب تحققت ضد داعش، لم يهزم التنظيم بعد".
توجس في باريس

وحسب كاتب المقال، تكشف نظرة إلى الخريطة سبب توجس باريس من قرار ترامب. ففي حين ترى قاعدة ترامب الشعبية أن الصراع في سوريا الذي امتد سبع سنوات عبارة عن خلاف في بلد بعيد بين أشخاص لا يعرفون عنهم شيئاً، ينظر مسؤولون فرنسيون في المقابل، إلى سوريا باعتبارها مكاناً مضطرباً قريباً من بوابات أوروبا.
وحريّ بالقول إن القرب الجغرافي سهل انتقال آلاف الجهاديين الأوروبيين إلى سوريا للقتال إلى جانب داعش، فضلاً عن عودة عدد منهم إلى أوطانهم. وساعد القرب الجغرافي على تدفق آلاف اللاجئين السوريين المتلهفين للوصول إلى ملاذ آمن في أوروبا.


أزمة جيوسياسية

ويرى كاتب المقال أن إعلان ترامب جاء في وقت سيئ لحلفاء أمريكا، خاصةً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يواجه موجة سخط شعبي ممثلاً في"السترات الصفراء"، وبمشاركة طالبية واسعة.

وفيما قادت نزاعات محلية، وغضب شعبي عميق لسقوط أباطرة فرنسيين، مثل نابليون الأول والثاني، وملوك مثل شارل العاشر، بعدما سعوا لحرف أنظار العامة بخوض مغامرات خارجية، لا يملك ماكرون هذا الخيار.

ورغم أن حزبه "الجمهورية إلى الأمام" يستحوذ على غالبية برلمانية لايزال أمامه قرابة ثلاثة أعوام في الرئاسة، ولا يمكن لماكرون إلا التتركيز على متاعب فرنسا الاقتصادية والاجتماعية.

قسد

ورغم ذلك، يجعل انسحاب القوات الأمريكية البرية ماكرون بالضرورة قائداً لما سيصبح أكبر قوة عسكرية أوروبية في سوريا.

وفيما أقر مسؤولون فرنسيون في 2016، بوجود جنود فرنسيين في الميدان السوري، دون كشف عددهم أو موقعهم، أشارت وكالة الأنباء التركية وفي مارس( آذار) الماضي، إلى وجود قرابة 70 جندياً فرنسياً يعملون مستشارين لدى قوات سوريا الديمقراطية قسد، في شمال شرق سوريا.

ولكن عسكريين فرنسيين كشفوا لموقع "فورين بوليسي" وجود حوالي 200 جندي من القوات الخاصة الفرنسية في سوريا.

ورغم ذلك، وعندما سئل في مؤتمر صحافي الذي عقده مع ترامب في إبريل ( نيسان) عن المشاركة الفرنسية في سوريا، أوحى ماكرون بأن قوته قوية وفاعلة. وقال: "قررنا زيادة مشاركتنا في قوات التحالف. ونحن ملتزمون تماماً بالقتال ضد داعش".

خطر وجودي

وحسب كاتب المقال، فإن التقلص المفاجئ للتحالف الدولي ضد داعش يجعل من فرنسا في مواجهة تحديات جيوسياسية ووجودية.

ومن هذا المنطلق كتب غي فيرهوفستادت رئيس الوزراء البلجيكي السا بقعلى تويتر "قرار ترامب الأخير يظهر خطأ افتقارنا إلى قوة دفاعية قادرة على دعم استقرار المنطقة الأقرب إلى حدودنا".

ولم يكن هذا الفشل ناتجاً عن تقصير من باريس، إذ دعا ماكرون، في بداية نوفمبر( تشرين الثاني) الماضي، إلى تشكيل "جيش أوروبي حقيقي". وقال يومها: "لا يمكن، لقوة غير أوروبية حماية أمن أوروبا".