وسط زحمة الأصوات، الدراسات، الأبحاث والمقالات التي تُركّز على العنف ضد المرأة وعدم المساواة بينها وبين الرجل في التعليم والإرث والكثير من الحقوق المدنيّة، يُغفل البعض عن غير قصد جانباً حساساً جداً، يَكاد يكون الأهم لأنه يمثّل حجر الأساس الثابت الذي بواسطته تستطيع المرأة الحصول على حقوقها كاملةً والتحرّر من كل القيود التي تُكبّلها وتحدّ من إبداعها، وذلك لأن هذا الحجر وحده القادر على منحها القوة والثقة للمطالبة بالحياة والموقع الذي تستحقه.
ألا وهو تمكين المرأة اقتصادياً، بناءً على القاعدة التي تقول: "من يملك المال يملك القرار"
فلا شكَّ أبداً أن قوة الرجل وحقّه في اختيار ما يُريد وفرض ما يراه مناسباً في بيته وحياته، نابعاً من قوته الاقتصادية فهو المنتج في منزله، هذ الإنتاج منحه بلا شكّ حصانةً وسنداً لأنه حقّق له اكتفاءً ذاتياً جعله غير مضطر للخضوع لسلطة الغير، وبالتالي إذا حصلت المرأة على هذا الإمتياز كما الرجل، تكون قد حققت نصراً كبيراً لذاتها وحقوقها وأحلامها. فالإستقلال المادي للمرأة يحررها من الكثير من القيود، ويحميها من الخضوع لمن يَعولها سواء كان أباً، أخاً أو زوجاً .
فلا أحد ينكر أن هناك الكثير من الفتيات كُنّ مجبرات بسبب عدم امتلاكهن لعمل إلى القبول بالزواج بأي شخص تقبله العائلة التي لم تعد قادرة على تحمّل مصاريفها البسيطة . كما أن هناك الكثير من النساء المُتزوجات يتحملن الإهانة والتعنيف من قبل الزوج وحتى من قبل أهله لسبب بسيط هو أنه المُعيل الوحيد لهُنّ .
أمام هذا الواقع يصبح عمل المرأة وتمكينها إقتصادياً ضرورياً لحمايتها من الأضرار النفسية والجسدية التي تترتّب على فقرها الاقتصادي، ولا شكّ أن عمل المرأة لا يقتصر على المتعلّمات منهن، فهناك الكثير من الأعمال اليدوية والمنزلية تستطيع المرأة من خلالها أن تحقّق الإستقلال المادي سواء في الأرياف أو المدن .
ولابد من الإشارة أن تجارب العديد من الدول أثبتت أن مكافحة فقر المرأة وتمكينها اقتصادياً، يؤدي إلى رفاهية المجتمع ككل، فزيادة دخلها يؤدي إلى زيادة دخل الأُسرة وبالتالي إلى زيادة الإنفاق الأُسري على الصحة والتعليم والتغذية، هذا الإنفاق سيزيد من القدرة الشرائية وبالتالي سوف ينعكس على الاقتصاد العام .
فالمرأة "نصف المجتمع" ومن غير الممكن أن ينهض المجتمع اقتصادياً ونصفه الأساسي عاطل عن العمل والحياة!