عيسى بو عيسى- هل الافق «مسدود» أمام «المجتمع المدني» في لبنان؟
شارك هذا الخبر
Sunday, December 16, 2018
حتى الساعة لم يتخطى سقف قوة التغيير لدى مختلف فئات المجتمع المدني بل ان شعاراته بالتغيير تبدو موسمية وتظهر عند كل استحقاق بلدي او نيابي لا يلبث ان يخفت الصوت وتعود الامور الى نقطة الصفر، ومع انتهاء الانتخابات النيابية التي جرت مؤخراً عادت وظهرت القوى الحزبية التقليدية يضاف اليها الاحزاب الناشئة التي تتصدر المشهد السياسي العام في لبنان، ومرد هذه الاخفاقات للحراك المدني مرتبطة بعدم تماسك معظم الجمعيات التي تنضوي تحت لواء المجتمع المدني والذي لدى البعض منه سلوك الاصلاح في ادارات الدولة انما ينقصه المثابرة والديمومة خصوصاً ان هذا الحراك مؤلف من جمعيات معظم اعضاءها موظفون ومرتبطون بتأمين معيشتهم وليس بمقدورهم اقامة حراك يومي على غرار ما يحصل مع السترات الصفر في فرنسا حيث الظروف غير متشابهة وتركيبة البلد مغايرة كلياً في مجتمع طائفي متعدد الولاءات في لبنان.
وتقول مصادر الحراك المدني ان تقدماً ولو طفيفاً حصل خلال الانتخابات الاخيرة حيث حقق المرشحين لديه، ارقاماً يمكن اعتبارها مقبولة في مناطق الاشرفية وبعبدا والشوف غير ان هذه الارقام وديمومة مفاعيلها ما لبثت ان انكفأت عن الحراك السياسي والاجتماعي والخدماتي مع العلم ان الحاجة الحقيقية لهذا الحراك المدني من المفترض ان يتفاعل حالياً وسط ازمة معيشية خانقة واقتصاد منهار ومعنويات الناس يمكن ان تكون قابلة للتحرك الا ان شيئاً من هذا لم يتحقق بالرغم من الويلات التي تحصل في البلاد، وترد هذه المصادر هذا التراجع في التحركات الى سيطرة السياسة التقليدية على مسار الناس واستغلال السياسيين لحاجاتهم او من ناحية اخرى حاجة السياسيين الى ابقاء الناس على هذه الحال من العوز كوسيلة لاسكاته ساعة يشاء وفق قاعدة العوز اليه ان كان نائباً او وزيراً او حتى رجل اعمال وصولاً الى الاحزاب التي تبدو اصواتها اكثر تأثيراً وارتفاعاً امام السلطة التنفيذية ويمكنها تأمين بعض الخدمات الفردية، ولكن من ناحية ثانية تلفت هذه المصادر الى ان الدافع الى الاستمرار بالنشاط والحراك هو وصول البلد الى ما كان تم التحذير منه سابقاً من انهيار اقتصادي واجتماعي وسياسي حتى ان الانهيار الاخلاقي متواجد في بعض جوانب القوى السياسية بالتعامل مع الازمات الوجودية في البلاد. ولا تخف هذه المصادر امكانية تفعيل النشاطات مجدداً وفي القريب العاجل استناداً الى مروحة واسعة من الاتصالات من اجل تحقيق الهدف الاول وهو توحيد الجهود فيما بين مختلف الهيئات المدنية سبيلاً لرفع الصوت عالياً وايجاد اطار اكثر فعالية وجدية من اجل تشجيع الناس على رفع عامل الثقة بالمجتمع المدني واهدافه بموازاة انعدام الثقة بالسلطة التي تراجعت الى حد كبير لكن الاصطدام بايجاد البديل عن هذه السلطة قائم لكنه غير فعال وقادر على التغيير.
امام تراجع الحراك المدني وعدم تقدم الهيئات الحزبية من المبادرة سبيلاً لرفع الظلم عن الناس تبقى البلاد رهينة لما هو قادم من ويلات على مختلف الاصعدة وفي طليعتها الازمة المعيشية التي لا بد في غياب اي تنظيم يهتم بامور الشعب وارتفاع الفقر والعوز سوف تنفجر الازمة من مكان ما ليس لانها منظمة بمقدار ما ستضغط لقمة العيش على افواه المواطنين وصولاً الى الاختناق.